فيكون عين قواك ربك فاغترف *** من طلها حتىتفوز بوبلها
النوافل لها حكم في الحضرة الإلهية ينوبصاحبها فيه مناب الحق
اعلم أيدك الله بروح القدس أن للنوافلحكما في الحضرة الإلهية جامعا ينوب صاحبهافيه مناب الحق من ذاقه عرف قدره و عجز عمايستحقه واهبه من الشكر عليه ثم إن النوافلتتفاضل و تعلو بعلو فرائضها إذ كانتالنوافل كل عمل له أصل في الفرائض عن ذلكالأصل يتولد و بصورته يظهر كما ظهرنا نحنبصورة الحق فنحن له نافلة و هو أصلنا ولهذا نقول فيه إنه واجب الوجود لنفسه و نحنواجبون به لا بأنفسنا فبهذه الدرجة يتميزعنا و نتميز عنه و ما عدا النوافل فيسمىعبادة مستقلة و سننا مبتدءات نذكرها بعدهذا الباب إن شاء الله
الصيام أعلى نوافل التنزيه في الخيرات
و إذا كانت النوافل تعلو بعلو فرائضهاالتي هي أصولها فأعلى نوافل التنزيه فيالخيرات الصيام لأن فرضه صوم رمضان ورمضان اسم الله و الصوم عبادة لا مثل لها وهو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ففضل نوافلسائر العبادات فإنه يمنع من النكاح فلهأثر فيه أي في منعه و كل من له قوة المنعفإن الممنوع متصف بالضعف بالنسبة إلى تلكالقوة فإن كان لهذا الممنوع من القوة بحيثيؤثر في محل هذه العبادة حتى يزيل حكمهاكان أقوى بلا شك فنافلة النكاح أقوى لما لهمن التأثير في إبطال الصوم و الصلاة وغيرها
النكاح أفضل نوافل الخيرات
و النكاح أفضل نوافل الخيرات و له أصل و هوالنكاح المفروض فما زاد عليه كان نافلة وهو على نوعين أعني وقوعه فقد يقع على نسبةالمحبة مطلقة و قد يقع على نسبة محبةالتوالد و التناسل فإذا وقع عن محبةالتوالد و التناسل التحق بالحب الإلهي ولا عالم فأحب أن يعرف فتوجه بالإرادة لهذهالمحبة على الأشياء في حال عدمها القائمةفي استعداد إمكانها مقام الأصل فقال لهاكن فكانت ليعرف بجميع وجوه المعارف و هيالمعرفة المحدثة التي لم يكن تعلق لها بهإذ لم يكن العارف بها متصفا بالوجود و ذلكمحبة طلب كمال المعرفة و كمال الوجود فماكمل الوجود و لا المعرفة إلا بالعالم و لاظهر العالم إلا عن هذا التوجه الإلهي علىشيئية أعيان الممكنات بطريق المحبةللكمال الوجودي في الأعيان و المعارف و هيحال تشبه النكاح للتوالد فكان النكاحالمفروض أفضل الفرائض و نافلته أفضل نوافلالخيرات و لاشتراك غيره من العبادات فياسم النوافل نال من استعملها على اختلافأنواعها منا لها و الأصل نوافل النكاح لأنالعمل إذا أنتج ما لم يكن له عين قبل ذلكفذلك من حكم النكاح و ما من عمل إلا و هومنتج بحسب حقيقته و طريقته فكان النكاحأصل في الأشياء كلها فله الإحاطة و الفضل والتقدم و قال أبو حنيفة في النكاح إنه أفضلنوافل الخيرات و لقد قال حقا أو صادف حقا
كان رسول الله (ص) حبب إليه النساء و كانأكثر الأنبياء نكاحا
لما فيه من التحقق بالصورة التي خلق عليهاو لكن لا يعلم ذلك إلا قليل من الناس منطريق الكشف بل من العارفين من أهل الله وقدم علينا بإشبيلية سنة ست و ثمانين وخمسمائة أبو الحجاج يوسف الغليري من أهلغليرة و كان من أهل الأحوال فبينما هو قاعدمعي إذ كشف له عن هذا المقام ممثلا فذكرهلي في غلبة حاله بصورة ما رآه مما لايمكنني ذكره فكوشف على العالم و في أي صورةهو أبوه تعريفا من الحق فما زلت أسكنه و هوهائج حتى سكن
وجود الحق هو الفرض و وجود العبد نافلة
فوجود الحق هو الفرض في نفس الأمر و وجودالعبد نافلة عن ذلك الفرض و لذلك خرج علىصورته
نافلة الصلاة تنتج وجود العبد في حظهمنها
فنافلة النكاح قد ذكرنا ما نتج منها ونافلة الصلاة تنتج وجود العبد في حظه منالقسمة منه قوله قسمت الصلاة بيني و بينعبدي فيعرف من نوافل هذه الصلاة حظه منالقسمة لا حظ ربه كما يعرف من فرضها حق ربهو قسمه منها و لكل حال شرب معلوم فإن الذييعطي الفرض في عامله من الحكم خلاف الذييعطي النفل لأنه في الفرض عبد مضطر و فيالنفل عبد مخير مختار موصوف بصفة إلهية وهي المشيئة فإن شاء فعل و إن شاء لم يفعل
نتائج نوافل الصيام و الزكاة و الحج والعمرة و الذكر
و نافلة الصيام ما يحصل للعبد من التنزيهفي نفي المماثلة من قوله لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ أي ليس مثل مثله شيءو ما مثله إلا من خلق على صورته فنفىسبحانه أن يماثل هذا المثل فهو أحق أن لايماثل و ما له من الصورة إلا الاسم خاصةفإن العالم كما أعطاه الله اسم الوجودالذي هو له تعالى حقيقة أعطاه العالمباستعداده و كونه مظهرا لِلَّهِالْأَسْماءُ الْحُسْنى ما علمنا منها وما لم نعلم فهذا كونه على صورته و نافلةالزكاة أعطت في الإنسان البركة و هيالزيادة التي حصلت له على ما أعطتهالفريضة لا غير و نافلة الحج أعطت له القصدبظهور الكون في الأطوار المختلفة مع أحديةالتوجه و نافلة العمرة أعطته الدخول عليهتعالى في كل عبادة بين طرفي تحليل و تحريمو فيها ذوق و شرب و هما تجليان معروفان عندأهل