(فصل) عطاء الهدية
و هو عطاء عن بيان و لهذا اشتركت في حروفالهدى لأنه بالهدى أهدى فهدية الحق للعبدنفسه و هدية العبد للحق رد تلك النفس إليهبخلعة تكسبه محبة ربه فَاتَّبِعُونِييُحْبِبْكُمُ الله
(فصل) عطاء الهبة
و هو من الحق إعطاء لينعم لا يقترن معه طلبجزاء و من العبد عمله لحق الربوبية لاللجزاء
(فصل) و أما طلب العوض و تركه
فمن الحق
قوله (ص) حبوا الله لما يغذوكم به من نعمه
و أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِبِعَهْدِكُمْ و من العبد هو ما يطلبه منالجزاء على عمله الذي وعده الله به إِنْأَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الله
(فصل) و أما ترك طلب العوض
فمن الحق أنه العامل و لا يتصور من المالكإذا كان هو العامل أن يطلب ما هو عنده فإنالحاصل لا يبتغى و من العبد فإنه لا يرىنفسه عاملا فما فعل شيئا يطلب بذلك الفعلعوضا من الله حيث أعطاه من نفسه
العطاء المطلق و العطاء المقيد
فهذه فصول محققة نبهناك بها على ما هوالأمر عليه و تفصيلاتها تبدو لك مع الآناتفي نفس سلوكك و هذا كله مقام إلهي فيالمحسنين خاصة و صاحبه مجهول لا يعرف ونكرة لا تتعرف ثم إن هذا العطاء لا بد أنيكون مطلقا أو مقيدا فمن أعطى بيد حق أطلقهفيعم عطاؤه جميع عباد الله لا يخصص عينا منعين مما يصلح لذلك المعطي مثل ذلك إن كانتالأعطية من النقود فلا يعطيها إلا من لهالتصرف فيها و هو الإنسان و لا يشترط فيهصغيرا و لا كبيرا و لا ذكرا و لا أنثى و لاغنيا و لا فقيرا و لا مؤمنا و لا كافرا و لاعاقلا و لا مجنونا بل هو في ذلك العطاءكمطلق الرزق على كل حيوان و كذلك إن كانمما يلبس مثل النقود سواء يعطيه لأهله وأما إن كان مأكولا فيعطيه لكل متغذ يأكلذلك الصنف من الغذاء من حيوان أو إنسان وليس له اختيار و لا تمييز بل هو مع أول منيلقاه فإن رده عليه حينئذ أعطاه الثاني وهكذا حتى يجد من يأخذه منه و هذا لا يكونإلا للربانيين من الاسم الرب و الرحمانيينمن الاسم الرحمن و ليس للالهيين مدخل فيالعطاء المطلق و أثر هذا العطاء ظاهر في كلموجود لا أحاشي أعني من الأصناف لا في آحادأشخاص الموجودات و هذا عطاء المحسن لاالمؤمن و لا المسلم و أما إن كان العطاءمقيدا فهو بحسب ما تقيد به فحكم ذلك راجعإلى حكم الشرع فيه فيعمل الأولى فالأولى ويبتدئ بالذي أمره الشارع أن يبتدئ به ويبحث عنه حتى يجده و لا يعطي على هذا الحدإلا الإلهي من الاسم الله المؤمن المحسنالمسلم و أثر هذا العطاء أيضا عام
الباب السادس و التسعون في الصمت وأسراره
الله قال على لسان عبيده
ما ثم إلا من يكلم نفسه
و هو الوجود فليس إلا عينه
هذا هو الحقالصريح الحاكم
فالصمت فيالأكوان نعت لازم
فهو السميعكلامه و العالم
هذا هو الحقالصريح الحاكم
هذا هو الحقالصريح الحاكم
الصمت أحد أركان مقام البدلية
اعلم وفقك الله أن الصمت أحد الأربعةالأركان التي بها يكون الرجال و النساءأبدا لا قيل لبعضهم كم الأبدال قال أربعوننفسا قيل له لم لم تقل رجلا قال قد يكونفيهم النساء كما
قال (ص) في الكمال فذكر أنه يكون أيضا فيالنساء و عين منهن مريم ابنة عمران و آسيةامرأة فرعون
مقام الصمت و حاله و حكمه
و له حال و مقام فأما مقامه فهو إنه لا يرىمتكلما إلا من خلق الكلام في عباده و هوالله تعالى خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فالعبدصامت بذاته متكلم بالعرض و أما حاله فهو أنيرى أن الله و إن خلق الكلام فيه فالعبد هوالمتكلم فيه كما هو المتحرك بخلق الحركةفيه و لا يصح أن يصمت مطلقا أصلا فإنهمأمور بذكر الله تعالى في أحوال مخصوصةأمر وجوب فهو مقام مقيد بصفة تنزيه لأنهوصف سلبي و حكمه في ظاهر الإنسان و أماباطنه فلا يصح فيه صمت فإنه كله ناطقبتسبيح الله فالصمت محال و إنما الكلامعلى الصمت المعلوم بالعرف و من تخلل صمتهكلام في غير فرض و لا ذكر لله فما صمت
الصامت في طريق الله
فالصامت هنا هو الذي يقيم نشأة مصمتةالأجزاء لا يتخللها حين فارغ مقدر حينئذيكون صامتا و إذا أراد الإنسان أن يختبرنفسه هل هو ممن صمت كما ينبغي فلينظر هل لهفعل بالهمة المجردة فيما من شأنه أن لايفعل إلا بالكلام أم لا فإن أثر و حصلالمقصود فهو صامت حقيقة مثل أن يريد أنيقول لخادمه اسقني ماء و أتني بطعام أو سرإلى فلان فقل له كذا و كذا و لا يشير إلىالخادم بشيء من هذا كله فيجد الخادم فينفسه ذلك كله بأن يخلق الله في سمع الخادمعن ذلك يقول فلان قال لي افعل كذا و كذايسمع ذلك حسا بإذنه و لكن