التكليف قائم و الاضطرار لازم فكيف تعقلالحرية
فهو عبد نفسه ما دامت تطلبه بحقها و عبدعينه ما دام يطلبه بحقه و عبد زوره ما داميطلبه بحقه و النعم الإلهية تطلبه بشكرالمنعم بها عليه و التكليف قائم والاضطرار لازم إن رام دفعه لا يندفع يؤثرفيه المدح و الثناء فيقول الحمد للهالمنعم المفضل و يملكه الذم و الجفاء والأذى فيقول الحمد لله على كل حال فتغيرحمده لتغير الأحوال فلو تغيرت الأحواللتغير حمده لكان حرا عنها
قال رسول الله (ص) لأبي بكر الصديق ماأخرجك قال يا رسول الله الجوع قال رسولالله (ص) و أنا أخرجني الجوع فجاء مع من كانمعه من أصحابه إلى دار الهيثم بن أبيالتيهان فذبح لهم و أطعمهم
فما أخرجهم إلا من حكم عليهم لما توجه لهحق عليهم و هو الجوع و الجوع أمر عدميفموجود يؤثر فيه المعدوم كيف حاله معالموجود و مثل هؤلاء المشهود لهم بالحريةو لهذا الذوق ما خرجوا إلا لطلب أداء ماعليهم من الحقوق لأنفسهم فقد استرقهمالجوع و لو لم يخرجوا و سكنوا لكانوا تحتقهر الصبر و ما تطلبه هذه الحال فغاية نسبةالفضل إليهم أنهم خرجوا كما قلنا يلتمسونأداء حقوق نفوسهم بالسعي فيها إذ كانوامتمكنين من ذلك و أعلى من هذا فلا يكون فإنقعدوا مع التمكن اتصفوا بالظلم و الجهلبالحكم الإلهي و إني تعقل الحرية فيمن هذهصفته في الدنيا و الآخرة
الحرية حديث نفس و حال عرضى لا ثبات له معالحضور و الصحو
أما في الدنيا فواقع لا يقدر على إنكارهجحده و يجحده من نفسه و إن لم يركن إلىالأسباب و لا يعتمد عليها و غايته إن يعتمدعلى الله في استعمالها فهو عبد معلول لأنهتوجه خاص و كذلك في الآخرة عبد شهوته لكونهتحت سلطانها تحكم فيه و لا معنى للعبوديةإلا هذا دخوله تحت الأحكام و رق الأسباب ولما أبصر هذا العارف من نفسه علم إن الحريةحديث نفس و حال عرضي لا ثبات له مع الصحو
ترك الحرية نعت إلهى فكيف يصح للعبدالخروج عنه
ثم إن ترك الحرية نعت إلهي فكيف يصح لهالخروج عنه و غايته إن يكون فيه بصورة حقيلتمس الدعاء و يطلب التوبة من عباده وسؤال المغفرة منهم و يذمهم إن لم يأتوا بماالتمسه منهم حتى
قال لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبونثم يتوبون فيغفر لهم
فقد نبهتك عن أسرار هذا المقام إن وقفتمعها عرفت نفسك و عرفت ربك و ما تعديتقدرك
درجات الحرية و درجات ترك الحرية
و إن كان للحرية درجات في عباد الله فغيرالأحرار أعظم عند الله درجة و أكمل وصفا والأصل معهم حفيظ يحفظ عليهم ترك الحرية والاسترقاق لما تعطيه الحكمة فإن قلت فكمللحرية من الدرجات فنقول لها في العارفينمن أهل الأنس ستمائة درجة و تسع و أربعوندرجة و في العارفين من أهل الأدب أربع وخمسون درجة و مائتا درجة و في الملامية منأهل الأنس ستمائة و ثمان عشرة درجة و فيالملامية من أهل الأدب ثلاث و عشرون ومائتا درجة و هذه الدرجات بأعيانها لمنترك الحرية و زيادة ما يعطيه الترك منالدرجات لقيامه بالحكمة و حفظ الأصللإبقاء الحرية
الباب الثاني و الأربعون و مائة في معرفةمقام الذكر و أسراره
الذكر ستر على مذكوره أبدا
و ليس ثم سوى ما قلته فإذا
تدري بها كل من قام الوجود به
و ذلك الحقلا عقل و لا ماء
و كل ذكرفأحوال و أسماء
نظرت فيه بدتللعين أشياء
و ذلك الحقلا عقل و لا ماء
و ذلك الحقلا عقل و لا ماء
الذكر أن تذكر اسم الله من حيث ما هو مدحله و حمد
الذكر نعت إلهي و هو نفسي و ملئي في الحق وفي الخلق و مع كونه نعتا إلهيا فهو جزاءذكر الخلق قال تعالى فَاذْكُرُونِيأَذْكُرْكُمْ فجعل وجود ذكره عن ذكرناإياه و كذلك حاله
فقال تعالى إن ذكرني في نفسه ذكرته فينفسي و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خيرمنهم
فانتج الذكر الذكر و حال الذكر حال الذكرو ليس الذكر هنا بأن نذكر اسمه بل لتذكراسمه من حيث ما هو مدح له و حمد إذ الفائدةترتفع بذكر الاسم من حيث دلالته على العينلا في حقك و لا في حقه
القصد من ذكر الله باسمه العلم أو بضميرالغيبة
فإن قلت فقد رجح أهل الله ذكر لفظة اللهالله و ذكر لفظة هو على الأذكار التي تعطيالنعت و وجدوا لها فوائد قلت صدقوا و بهأقول و لكن ما قصدوا بذكرهم الله الله نفسدلالته على العين و إنما قصدوا هذا الاسمأو الهو من حيث إنهم علموا إن المسمى بهذاالاسم أو هذا الضمير هو من لا تقيدهالأكوان و من له الوجود التام فإحضار هذافي نفس الذاكر عند ذكر الاسم بذلك وقعتالفائدة فإنه ذكر غير مقيد فإذا قيده بلاإله إلا الله لم ينتج له إلا ما تعطيه هذهالدلالة و إذا قيده بسبحان الله لم يتمكنله أن يحضر إلا مع حقيقة ما يعطيه التسبيحو كذلك الله أكبر و الحمد لله و لا حول و لاقوة إلا بالله
الذكر الذي هو استحضار و الذكر الذي هوحضور
و كل ذكر مقيد لا ينتج إلا ما تقيد به لايمكن أن يجني منه ثمرة عامة فإن حالة الذكرتقيده و قد عرفنا الله