البرزخ و منهم من يبقى على سكره في البرزخإلى البعث
تقدم السكر الطبيعي أو العقلي على السكرالإلهي
و اعلم أنه إن تقدم للعبد سكر طبيعي أوعقلي ثم أزالهما أو أحدهما السكر الإلهيفالسكر الإلهي صحو من هذا السكر الذي كانفي المحل و إن لم يتقدم لصاحب السكر الإلهيفي المحل سكر عقلي و لا طبيعي فليس سكرهالإلهي بصحو بل هو حال سكر ورد عليه و معنىالصحو أنه ينكشف له حق الله في الأمور التياستفادها في حال سكره فيعلم عند صحوه ماينبغي أن يذاع منها في العموم و الخصوص وما ينبغي أن يستر فإن كان قد أذاع منها فيحال سكره شيئا فيعطيه الصحو أن يستغفرالله من ذلك و عذره مقبول و إنما يستغفرلأن السكران لا بد أن يبقى فيه من الإحساسما يكون معه الطرب فلو لم يبق معه إحساسلكان مثل النائم يرتفع عنه القلم أي لايلزمه الاستغفار و هذا الفرق بين السكرانو المجنون و إن كان كل واحد منهما من أهلالإحساس فإن المجنون ارتفع عنه الحكم و لميرتفع عن السكران و من حاله الاستغفار مماظهر منه ما هو مثل حال من لم يقع منه مايوجب الاستغفار فإن الاستغفار عندنا فيطريق الله يكون في مقامين المقام الواحدما ذكرناه و هو أن يبدو منه ما ينبغي أنيكون مستورا فيجب عليه الاستغفار من ذلك وقد يقع الاستغفار ممن لم يبد منه شيءيوجب الاستغفار فيستغفر من هذا مقامه أييطلب أن يستره الله في كنف عنايته أن يحكمعليه حال من شأنه إذا لم يستره الله في كنفعنايته أن يبدو منه بحكم ذلك الحال ماينبغي أن يستر و هذا هو المقام الثاني الذيلأهل الاستغفار فيبتدءون بطلب الستر منالله عن حكم حال يوجب عليهم الاعتذار منوقوعه و هذا هو استغفار الأكابر من الرجالالمعصومين و لذلك ما سمع من نبي قط في حالنزول الوحي عليه كلام حتى يسرى عنه فإذاصحا حينئذ يخبر بما يجب و لهذا ما نقل عننبي قط أنه ندم على ما قاله مما أوحي إليهفيه و أما ما كان عن نظر من غير وارد وحيفقد يمكن أن يرجع عن ذلك و يندم على ما جرىمنه في ذلك و قد وقع منه مثل هذا في أسارىبدر و سوق الهدى في حجة الوداع و غير ذلك ولما كان في الصحو انكشاف لمراتب الأمورقدمناه في الفضيلة على السكر أي صاحبهمقبول الحكم لمعرفته بالمواطن و إن كانالسكران صاحب حق أ لا ترى الصحو في السماءإذا أصحت أي زال غيمها و انكشفت لتعطيالشمس من حرارتها لما يخرج من الأرض منالنبات و تسخين العالم لأن لها أثرا في ذلككما أعطى الغيم ما في قوته من الرطوبة فيالأرض لأجل ذلك النبات فأفاد حال السكر وحال الصحو في الطبيعة فإذا لم تقع فائدةعند السكران في الطريق و لا عند الصاحي منهفما هو من أهل الطريق بل يكون كالصحو الذيمعه القحط المسمى صيلما و هو الذي أشرناإليه في الأبيات في أول هذا الباب فصحوالسكر كله أدب و علم و الناس فيه متفاضلونتفاضلهم في السكر
فكل سكر له احتكام
و كل صحو له ثبات
و كل صحو له ثبات
و كل صحو له ثبات
الصاحين إما أن يصحو بربه و إما بنفسه
و اعلم أن من الصاحين من يصحو بربه و منهممن يصحو بنفسه و الصاحي بربه لا يخاطب فيصحوه إلا ربه و لا يسمع إلا منه فلا يقع لهعين إلا على ربه في جميع الموجودات و هوعلى أحد مقامين إما أن يكون يرى الحق منوراء حجاب الأشياء بطريق الإحاطة مثل قولهوَ الله من وَرائِهِمْ مُحِيطٌ و إما أنيرى الحق عين الأشياء و هنا ينقسم رجالالله على قسمين قسم يرى الحق عين الأشياءفي الأحكام و الصور و قسم يرى الحق عينالأشياء من حيث ما هو قابل لحكم الصور وأحكامها لا من حيث عين الصور فإن الصور منجملة أحكام الأعيان الثابتة فتختلف أحوالرجال الله في صحوهم بالله و أما من صحابنفسه فإنه لا يرى إلا أشكاله و أمثاله ويقول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ خاصة ولا يعطي مقامه و لا حاله أن يتم الآية ذوقاو إن تلاها و هو قوله وَ هُوَ السَّمِيعُالْبَصِيرُ و صاحب الذوق الأول يقول وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ذوقا و تلاوةفيرى صاحب صحو النفس أن الحق في عزلة عنهكما يراه من جعله في قبلته إذا صلى و لايراه أنه هو المصلي و هذا القدر من الإشارةفي معرفة الصحو كاف و الصحو و السكر منالألفاظ المحجورة المختصة بالأكوان فافهموَ الله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ
«الباب الثامن و الأربعون و مائتان فيالذوق»
لكل مبدأ مجلى في تجليه
ذوق ينبئ عنمعنى تخلية
ذوق ينبئ عنمعنى تخلية
ذوق ينبئ عنمعنى تخلية