شغلهم عنه بالنظر في ذواتهم و ذوات العالمعند صدورهم من الله فإذا وفوا النظر فيماوجد من العالم تعلقوا بالله فتخيلوا أنهمرجعوا إليه من حيث صدورهم عنه و ما علمواأن الحقيقة الإلهية التي صدروا عنها ما هيالتي رجعوا إليها بل هم في سلوك دائما إلىغير نهاية و إنما نظروا لكونهم رجعوا إلىالنظر في الإله بعد ما كانوا ناظرين فينفوسهم لما لم يصح أن يكون وراء الله مرمىو سبب الري الحقيقي أنه لما لم يتمكن أنيقبل من الحق إلا ما يعطيه استعداده و ليسهناك منع فحصل الاكتفاء بما قبله استعدادالقابل و ضاق المحل عن الزيادة من ذلك فقالصاحب هذا الذوق ارتويت فما يقول بالري إلامن هو واقف مع وقته و ناظر إلى استعداده وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِيالسَّبِيلَ
«الباب الأحد و الخمسون و مائتان في عدمالري»
و قال به قوم
عدم الري دليل واضح
قال بالري رجال غلطوا
و هم لو عرفوا مقداره
لم يقولوا مثل هذا و أتوا
للذي أنكرهيعتذرون
أن أحكام التناهي لاتكون
و رأوا أن الذيقيل يهون
و رأوا ما يقتضي كنفيكون
للذي أنكرهيعتذرون
للذي أنكرهيعتذرون
إنا مأمورون بطلب الزيادة في العلم
أمر الله تعالى نبيه أن يقول رَبِّزِدْنِي عِلْماً و من طلب الزيادة فماارتوى و ما أمره إلى وقت معين و لا حد محدودبل أطلق فطلب الزيادة و العطاء دنيا و آخرة
يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في شأنيوم القيامة فأحمده يعني إذا طلب الشفاعةبمحامد يعلمنيها الله لا أعلمها الآن
فالله لا يزال خلاقا إلى غير نهاية فينافالعلوم إلى غير نهاية و ليس غرض القوم منالعلم إلا ما يتعلق بالله كشفا و دلالة وكلمات الله لا تنفد و هي أعيان موجوداتهفلا يزال طالب العلم عطشانا أبدا لا رى لهفإن الاستعداد الذي يكون عليه يطلب علمايحصله فإذا حصل أعطاه ذلك العلم استعدادالعلم آخر كوني أو إلهي فإذا علم بما حصلله أن ثم أمرا يطلبه استعداده الذي حدث لهبالعلم الحاصل عن الاستعداد الأول يعطشإلى تحصيل ذلك العلم فطالب العلم كشاربماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا والتكوين لا ينقطع فالمعلومات لا تنقطعفالعلوم لا تنقطع فأين الري فما قال به إلامن جهل ما يخلق فيه على الدوام و الاستمرارو من لا علم له بنفسه لا علم له بربه قالبعض العارفين النفس بحر لا ساحل له يشيرإلى عدم النهاية و كلما دخل في الوجود أواتصف بالوجود فهو متناه و ما لم يدخل فيالوجود فلا نهاية له و ليس إلا الممكناتفلا يصح أن يعلم إلا محدث فإن المعلوم لميكن ثم كان ثم يكون آخر أيضا فلو اتصفالمعلوم بالوجود لتناهى و اكتفى به فلاتعلم من الله إلا ما يكون منه و يوجده فيكإما إلهاما أو كشفا عن حدوث تحل و هذا كلهمعلوم محدث فلا علم لأحد إلا بمحدث ممكنمثله و الممكنات لا تتناهى لأنها غيرداخلة في الوجود دفعة واحدة بل توجد معالآنات فلا يعلم الله إلا الله و لا يعلمالكون المحدث إلا محدثا مثله يكونه الحقفيه قال تعالى ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍمن رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ و هو كلامه و حدثفيهم فتعلق علمهم به فما تعلق إلا بمحدث وذلك الذي يتخيله من لا علم له من أنه علمالله فلا صحة له لأنه لا يعلم الشيء إلابصفته النفسية الثبوتية و علمنا بهذا محالفعلمنا بالله محال فسبحان من لا يعلم إلابأنه لا يعلم فالعالم بالله لا يتعدىرتبته و يعلم ما يعلم أنه ممن لا يعلم وَالله يَهْدِي من يَشاءُ إِلى صِراطٍمُسْتَقِيمٍ
«الباب الثاني و الخمسون و مائتان فيالمحو»
للمحو حكم إلهي يقول به
المحو يثبته الإثبات و هو له
المحو ثبت و لكن حكمه عدم
فابحث علىعالم به يفصله
في سورة الرعد والبرهان يحمله
ضد و هلبوجود الضد تعقله
فابحث علىعالم به يفصله
فابحث علىعالم به يفصله
أن المحو عبارة عن رفع أوصاف العادة وإزالة العلة
اعلم أن المحو عند الطائفة رفع أوصافالعادة و إزالة العلة و ما ستره الحق ونفاه قال تعالى يَمْحُوا الله ما يَشاءُوَ يُثْبِتُ فثبت المحو و هو المعبر عنهبالنسخ عند الفقهاء فهو نسخ إلهي رفعهالله و محاه بعد ما كان له حكم في الثبوت والوجود و هو في الأحكام انتهاء مدة الحكم وفي الأشياء انتهاء المدة فإنه تعالى قالكُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فهويثبت إلى وقت معين ثم يزول حكمه لا عينهفإنه قال يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّىفإذا بلغ جريانه الأجل زال جريانه و إن بقيعينه فالعادة التي في