الإنسان بهذا الاستعداد لهذا التجليالخاص فظهر بأسماء الحق على تقابلها وأعطاه الحق فيما بين له مصارفها فهو يظهربما ظهر من استخلفه و هي المسمى في الخلافةبالحق و العدل قال الله لداود إِنَّاجَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الْأَرْضِفَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فيهوي بمتبعه عنهذه الدرجة التي أهلت لها و أهلت لك ولأمثالك كما قال أبو العتاهية
أتته الخلافة منقادة
و لم تك تصلح إلا له
و لو رامها أحد غيره
لزلزلت الْأَرْضُزِلْزالَها
إليه تجرر أذيالها
و لم يك يصلح إلا لها
لزلزلت الْأَرْضُزِلْزالَها
لزلزلت الْأَرْضُزِلْزالَها
فإذا أعطى التحكم في العالم فهي الخلافةفإن شاء تحكم و طهر كعبد القادر الجيلي وإن شاء سلم و ترك التصرف لربه في عباده معالتمكن من ذلك لا بد منه كأبي مسعود بنالشبلي إلا أن يقترن به أمر إلهي كداود (ع)فلا سبيل إلى رد أمر الله فإنه الهوى الذينهي عن اتباعه و كعثمان رضي الله عنه الذيلم يخلع ثوب الخلافة عن عنقه حتى قتل لعلمهبما للحق فيه فإن رسول الله (ص) نهاه أنيخلع عنه ثوب الخلافة فكل من اقترن بتحكمهأمر إلهي وجب عليه الظهور به و لا يزالمؤيدا و من لم يقترن به أمر إلهي فهو مخيرإن شاء ظهر به ظهر بحق و إن شاء لم يظهرفاستتر بحق و ترك الظهور أولى فتلحقالأولياء الأنبياء بالخلافة خاصة و لايلحقونهم في الرسالة و النبوة فإن بابهمامسدود فللرسول الحكم فإن استخلف فلهالتحكم فإن كان رسولا فتحكمه بما شرع و إنلم يكن رسولا فتحكمه عن أمر الله بحكم وقتهالذي هو شرع زمانه فإنه بالحكم ينسب إلىالعدل و الجور انتهى الجزء العاشر و مائة
(بسم الله الرحمن الرحيم)
(النوع الخامس) من علوم المعرفة و هو علمالإنسان بنفسه من جهة حقائقه
اعلم أن الإنسان ما أعطى التحكم في العالمبما هو إنسان و إنما أعطى ذلك بقوة إلهيةربانية إذ لا تتحكم في العالم إلا صفة حقلا غير و هي في الإنسان ابتلاء لا تشريف ولو كانت تشريفا بقيت معه في الآخرة في دارالسعداء و لو كانت تشريفا ما قيل له وَ لاتَتَّبِعِ الْهَوى فحجرت عليه و التحجيرابتلاء و التشريف إطلاق و لا نسب في التحكمإلى عدل و لا إلى جرر و لا ولي الخلافة فيالعالم إلا أهل الله بل ولى الله التحكم فيالعالم من أسعده الله به و من أشقاه منالمؤمنين و مع هذا أمرنا الحق أن نسمع له ونطيع و لا نخرج يدا من طاعة و قال فإن جاروافلكم و عليهم و هذه حالة ابتلاء لا حالةشرف فإنه في حركاته فيها على حذر و قدمغرور و لهذا يكون يوم القيامة على بعضالخلفاء ندامة فإذا وقف الإنسان على معرفةنفسه و اشتغل بالعلم بحقائقه من حيث ما هوإنسان فلم ير فرقا بينه و بين العالم و رأىأن العالم الذي هو ما عدا الثقلين ساجد للهفهو مطيع قائم بما تعين عليه من عبادةخالقه و منشئه طلب الحقيقة التي يجتمعفيها مع العالم فلم يجد إلا الإمكان والافتقار و الذلة و الخضوع و الحاجة والمسكنة ثم نظر إلى ما وصف به الحق العالمكله فرآه قد وصفه بالسجود له حتى ظله و رأىأنه ما وصف بذلك من جنسه إلا الكثير لاالكل كما وصف كل جنس من العالم فخاف أنيكون من الكثير الذي حق عليه العذاب ثم رأىأن العالم قد فطروا بالذات على عبادة اللهو افتقر هذا الإنسان إلى من يرشده و يبينله الطريق المقربة إلى سعادته عند اللهلما سمع الله يقول وَ ما خَلَقْتُالْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ فعبده بالافتقار إليه كماعبد سائر العالم ثم رأى أن الله قد حد لهحدودا و رسم له أمورا و نهاه أن يتعداها وإن يأتي من أمره سبحانه ما استطاع فتعينعليه العلم بما شرع الله له ليقيم عبادةالله الفرعية كما أقام العبادة الأصليةفإن العبادة الأصلية هي التي تطلبها ذواتالممكنات بما هي ممكنات و العباداتالفرعية هي أعمال يفتقر فيها العبد إلىإخبار إلهي من حيث ما يستحقه سيده و ماتقتضيه عبوديته فإذا علم أمر سيده و نهيه ووفى حق سيده تعالى و حق عبودته فقد عرفنفسه و كل من عرف نفسه عرف ربه و من عرف ربهعبده بأمره فما ثم من جمع بين العبادتينعبادة الأمر و عبادة النهي إلا الثقلانفإن الأرواح الملكية لا نهي عندها؟؟
قال فيهم لا يَعْصُونَ الله ماأَمَرَهُمْ و لم يذكر لهم نهي و قال فيعبادتهم الذاتية يُسَبِّحُونَ لَهُبِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لايَسْأَمُونَ