في هذه النعمة و هي رؤيتهم ذلك التصريف منعند الله في مرضاة الله فيدخلون في حزب منشكره حق الشكر و هذا هو أعلى الشكر فيالشاكرين و هو هين على العارفين المتجردينعن أوصافهم برد الأمور إلى الله
و ليس لهذا المقام نسبة إلا لعالم البرازخو هو الجبروت ليعم الطرفين فإن البرازخأتم المقامات علما بالأمور و هو مقامالأسماء الإلهية فإنها برزخ بيننا و بينالمسمى فلها نظر إليه من كونها اسما له ولها نظر إلينا من حيث ما تعطي فينا منالآثار المنسوبة للمسمى فتعرف المسمى وتعرفنا
و اختلف أصحابنا في الزيادة التي يعطيهاالشكر هل هي من جنس ما وقع الشكر عليه أو لايكون إلا من نعم أخر أو منهما فالمحققونيجعلونها من الجنس المشكور من أجله و ما لميكن من جنسه فما هو من الزيادة التي أوجبهاالشكر بل تكون تلك النعم من باب المنةابتداء لا من باب الجزاء و منهم من قال أينعمة وقعت بعد الشكر فهي جزاء و هي الزيادةو ما لم يقع عقيب شكر من النعم فهو من عينالمنة و إنما قالوا ذلك لعدم معرفتهمبالمناسبة بين الأشياء التي اختارهاالحكيم سبحانه و قصد القوم القائلون بهذاتنزيه الحق عن التقييد بل يعطي مما شاء منغير تقييد فالمحققون أكبر علما منهم وهؤلاء في الظاهر أنزه و في المعنى الكلسواء في تنزيه الحق و الله الموفق انتهىالجزء التاسع و التسعون (بسم الله الرحمن الرحيم)
اعلم أنه ما من عمل إلا و هو أمر وجودي و مامن أمر وجودي إلا و هو دلالة على وجود اللهو توحيده سواء كان ذلك الأمر مذموما عرفا وشرعا أو محمودا عرفا و شرعا و إذا كاندلالة فهو نور و النور محمود لذاته فما ثمما يجري عليه لسان ذم على الإطلاق كما أنهما ثم معصية من مؤمن خالصة غير مشوبة بطاعةو هي الايمان بكونها معصية فتحقق هذا
ثم حقيقة أخرى إنه ما ثم تكليف من عمل أوترك إلا و الأولوية تصحبه لا بد من ذلكفيقال تركه أولى من العمل أو العمل به أولىمن تركه و ما دخلته الأولوية فما هو خالصلأمر معين هذا معلوم دلالة عقل و كشف
و الله قد جعل الشكر عبادة و العبادات لاتترك و جعل الصدق عبادة و ما أطلق عليهالحمد في كل موطن فإن الغيبة صدق و هو صدقمذموم و النميمة بالسوء صدق و هو مذموم ومواطن كثيرة للصدق يكون الصدق مذموما فيهامع الإطلاق إذ الصدق صفة محمودة فإذا أخذهالتفصيل ميزته المواطن عرفا و شرعا كما إنالكذب بمطلقه صفة مذمومة فإذا أخذهالتقييد و التفصيل ميزته المواطن عرفا وشرعا
فإذا شكر الإنسان ربه و رأى الشكر والنعمة منه فقد أتى صفة محمودة و هو عبادةفمن أداها من حيث ما هي عبادة خاصة و لميخطر له الشكر من أجل المزيد من جهة هذهالعبادة كما أنه أيضا طلب المزيد من العلمعبادة مأمور بها فهنالك يكون طلب الزيادةعبادة و أما في غير ذلك الموطن فما هوعبادة مشروعة فإذا أدى الإنسان شكر ربالنعمة بفصولها من غير طلب الزيادة فكأنهترك ما يعطيه الشكر و ما يقتضيه طبع النفوسبذاتها من طلب زيادات النعم و لا يمنع هناكون الحق سمعه و بصره أن يكون تاركا لطلبالزيادة إذا كان الحق لا ينقصه شيء فإنالله قد اتصف بكونه شاكرا و شكورا و طلبالزيادة من أعمالنا من كونه شكورا فتعينعلينا بل وجب أن نعطي الشكر الإلهي حقه وهو الزيادة منا فيما شكر منا و الزيادةعبادات سواء كان ذلك تركا أو عملا
فترك الشكر برؤية العمل من الإنسان تركصحيح لحق الشكر الذي يجب له و هذا مقامالعموم فيصح ترك الشكر من العامة من أهلالله و أما من قال شكر النعمة إنه حجاب علىالمنعم فما عنده معرفة بالحقائق فإن ذلكلا يصح في كل من شكر نعمة فبالضرورة شكرالمنعم بها غير إن بعض الناس لا يرى المنعمإلا السبب و بعض الناس يرى المنعم اللهسبحانه و الكمل من الناس يرون الله