هذه صفته أثر في الكون فعن غير تعمل و لاقصد إنما ذلك إلى الله يجريه على لسانه أويده و لا علم له به فإن أثر على علم و ادعىأنه صادق مع الله فهو إما جاهل بالأمر وإما كاذب و هذا ليس من صفة أهل الله فحالالصدق يناقض مقامه و مقامه أعلى من حاله فيالخصوص و حاله أشهر و أعلى في العموم
و كان للإمام عبد القادر على ما ينقلإلينا من أحواله حال الصدق لا مقامه و صاحبالحال له الشطح و كذلك كان رضي الله عنه وكان للإمام أبي السعود بن الشبلي تلميذعبد القادر مقام الصدق لا حاله فكان فيالعالم مجهولا لا يعرف و نكرة لا تتعرفنقيض عبد القادر عجزا محققا لتمكنه فيمقام الصدق مع الله كما كان عبد القادرمحققا متمكنا في حال الصدق فرضي اللهعنهما فما سمعنا في زماننا من كان مثل عبدالقادر في حال الصدق و لا مثل أبي السعودفي مقام الصدق
فالصدق الذي هو نعت إلهي لا يكون إلا لأهلالله و الصدق الذي في معلوم الناس سار فيكل صادق من مؤمن و كافر و هذا الصدق للصدقالإلهي كالظل للشخص فهو ظله و لهذا يظهرأثره في كل صادق من كل ملة و لو لم يكن ظلاله ما صح عنه أثر فاجعل بالك لما أشرناإليه و بسطناه فالناس عنه في عماية و عنأمثاله من المقامات و الأحوال فلو لا الصدق ما كان الوجود و لولاه لماكان الشهود
لما كان الصدق يطلب المماثلة و إن كانمحمودا فرجال الله أنفوا من الاتصاف به معحكمه فيهم و ظهور أثره عليهم غير أنه ليسمشهودا لهم ثم نظروا إليه من كونه نعتاإلهيا فلم يجدوا له عينا هناك و رأوا تعلقالصدق الإلهي إنما هو فيما وعد لا في كل ماأوعد و من شرط النعت الإلهي عدم التقييدفيما هو متعلق له فعلموا أنه نعت إضافيلاختصاصه ببعض متعلقاته فلما رأوه على هذاأوجبوا ترك مشاهدته فإنهم كالناظرين فيأمر معدوم لا وجود له
و الصدق و إن كان نسبة و ليست له عينموجودة فله درجات فدرجاته في العارفين منأهل الأسرار مائة و خمس و تسعون درجة و فيالعارفين من أهل الأنوار مائتان و خمس وعشرون و في الملامية من أهل الأسرار مائة وأربع و ستون درجة و في الملامية من أهلالأنوار مائة و أربع و تسعون درجة
و أنا أعطيك أصلا مطردا في كل ما أذكره منترك كل ما نثبته إنما أريد بذلك ترك شهودهلا ترك أثره فإن حكمه لا يتمكن أن يقول فيهليس فإنه موجود مشهود لكل عين فعلى هذاتأخذ كل ما أذكره في هذا الكتاب من التروكفاعلم ذلك
ورد في الخبر أن الحي اسم من أسماء اللهتعالى و قال تعالى إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِيأَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَمافَوْقَها يعني في الصغر و هو من صفاتالايمان و من صفات المؤمن و من أسمائهتعالى المؤمن فالحيي نعت للمؤمن فإن الحياء من الايمان و الحياء خير كله والحياء لا يأتي إلا بخير و هذه كلها أخبارصحيحة و حقيقتها أعني هذه الصفة الترك لأن التركمن كل موجود بقاء على الأصل و العمل فرعوجودي زائد على الأصل فلهذا قيل فيه خيركله فالحياء نعت سلبي فالعبد إذا ترك