يقول بعض العشاق
الشوق يسكن باللقاء فإنه هبوب القلب إلىغائب فإذا ورد سكن و الاشتياق حركة يجدهاالمحب عند اجتماعه بمحبوبه فرحا به لايقدر يبلغ غاية وجده فيه فلو بلغ سكن لأنهلا يشبع منه فإن الحس لا يفي بما يقوم فيالنفس من تعلقها بالمحبوب فهو كشارب ماءالبحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا
قال (ع) منهومان لا يشبعان طالب علم و طالبدنيا
من حيث ما هو محب في تحصيل كل واحد منهما وما للعلم غاية ينتهي إليها فلهذا لا يشبع وكذلك الدنيا فإنها مشتهي النفوس و الشهوةتطلبها و قد تجلى ذلك المشتهي في صورةقريبة تسمى دنيا فتعلقت الشهوة بها ثمتنتقل إلى الآخرة في الجنة فتتبعها الشهوةفلا تشبع أبدا لأنها صورة لا يتناهى أمدهاو لو لا الشهوة ما طابت الجنة فالشوق ماسكن و الاشتياق ما بقي و لنا في هذا الباب
و لما كان الحب لا يتعلق إلا بمعدوم كماقدمناه في باب المحبة كذلك الشوق لا يصح أنيتعلق بحاضر و إنما متعلقة غائب غير مشهودله في الحال و لذا كان الشوق من أوصافالمحبة و لهذا يطرد و ينعكس فيقال كل محبمشتاق و كل مشتاق محب و من ليس بمشتاق فليسبمحب و من ليس بمحب فليس بمشتاق و قد ورد خبر لا علم لي بصحته إن الله تعالىذكر المشتاقين إليه و قال عن نفسه إنه أشدشوقا إليهم كما يليق بجلاله فشوقه إليهم أن ينيلهمالراحة بلقاء من اشتاقوا إليه و الوقتالمقدر الذي لا يتبدل لم يصل فلا بد منتأخر وجود ما وقع الشوق الإلهي إليه هذا إنصح الخبر و لا علم لي به لا من الكشف و لا منرواية صحيحة إلا أنه مذكور مشهور و قداتصفت الجنة بالاشتياق إلى علي و سلمان وعمار و بلال و تكلم الناس في ذلك من حيثاشتقاق أسماء هؤلاء من العلو و السلامة والعمران و الاستبلال و لكن ما هو محقق فإنالشوق أمر ذوقي و لو خطر لي هذا الخبر حينرأيت الجنة لسألتها عن شوقها لهؤلاء دونغيرهم فإنها أعرف بالسبب الذي أداها إلىالشوق لهؤلاء الأربعة و كذلك النبي (ص) قدرأيته مرارا و سألته عن أشياء و ما خطر ليأن أسأله عن شوق الجنة لهؤلاء بل شغلني ماكان أهم علي منه و الشوق علم ذوق يعرفه كلمشتاق من نفسه
و لما رأينا في هذا الزمان جهل المريدينبمراتب شيوخهم قلنا في ذلك