فتوحات المکیة فی معرفة الأسرار المالکیة و الملکیة

ابی عبد الله محمد بن علی الحاتمی الطائی المعروف بابن عربی

جلد 2 -صفحه : 694/ 7
نمايش فراداده

و أربعتهم هم الأوتاد فبالواحد يحفظ اللهالايمان و بالثاني يحفظ الله الولاية وبالثالث يحفظ الله النبوة و بالرابع يحفظالله الرسالة و بالمجموع يحفظ الله الدينالحنيفي فالقطب من هؤلاء لا يموت أبدا أيلا يصعق و هذه المعرفة التي أبرزنا عينهاللناظرين لا يعرفها من أهل طريقنا إلاالأفراد الأمناء

نواب الأوتاد الأربعة في هذه الأمة

و لكل واحد من هؤلاء الأربعة من هذه الأمةفي كل زمان شخص على قلوبهم مع وجودهم همنوابهم فأكثر الأولياء من عامة أصحابنا لايعرفون القطب و الإمامين و الوتد إلاالنواب لا هؤلاء المرسلون الذين ذكرناهم ولهذا يتطاول كل واحد من الأمة لنيل هذهالمقامات فإذا حصلوا أو خصوا بها عرفواعند ذلك أنهم نواب لذلك القطب و نائبالإمام يعرف أن الإمام غيره و أنه نائب عنهو كذلك الوتد

فمن كرامة محمد (ص) أن جعل من أتباعه رسلا

فمن كرامة رسول الله صلّى الله عليه وسلّممحمد أن جعل من أمته و أتباعه رسلا و إن لميرسلوا فهم من أهل المقام الذي منه يرسلونو قد كانوا أرسلوا فاعلم ذلك و لهذا صلىرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلةإسرائه بالأنبياء عليهم السلام فيالسموات لتصح له الإمامة على الجميع حسابجسمانيته و جسمه فلما انتقل صلّى اللهعليه وسلّم بقي الأمر محفوظا بهؤلاء الرسلفثبت الدين قائما بحمد الله ما انهدم منهركن إذ كان له حافظ يحفظه و إن ظهر الفسادفي العالم إلى أن يرث الله الْأَرْضَ وَ منعَلَيْها و هذه نكتة فاعرف قدرها فإنك لستتراها في كلام أحد منقول عنه أسرار هذهالطريقة غير كلامنا و لو لا ما ألقى عنديفي إظهارها ما أظهرتها لسر يعلمه الله ماأعلمنا به و لا يعرف ما ذكرناه إلا نوابهمخاصة لا غيرهم من الأولياء

أسرار الله المخبوة في خلقه التي اختصالله بها من شاء من عباده‏

فاحمدوا الله يا إخواننا حيث جعلكم اللهممن قرع سمعه أسرار الله المخبوة في خلقهالتي اختص الله بها من شاء من عباده فكونوالها قابلين مؤمنين بها و لا تحرمواالتصديق بها فتحرموا خيرها قال أبو يزيدالبسطامي و هو أحد النواب لأبي موسىالدبيلي يا أبا موسى إذا رأيت من يؤمنبكلام أهل هذه الطريقة فقل له يدعو لك فإنهمجاب الدعوة و سمعت شيخنا أبا عمران موسىبن عمران الميرتلي بمنزله بمسجد الرضيبإشبيلية و هو يقول للخطيب أبي القاسم بنعفير و قد أنكر أبو القاسم ما يذكر أهل هذهالطريقة يا أبا القاسم لا تفعل فإنك إنفعلت هذا جمعنا بين حرمانين لا نرى ذلك مننفوسنا و لا نؤمن به من غيرنا و ما ثم دليليرده و لا قادح يقدح فيه شرعا و عقلا ثماستشهدني على ما ذكره و كان أبو القاسميعتقد فينا فقررت عنده ما قاله بدليليسلمه من مذهبه فإنه كان محدثا فشرح اللهصدره للقبول و شكرني الشيخ و دعا لي‏

رجال الله في هذه الطريقة هم المسمونبعالم الأنفاس‏

و اعلم أن رجال الله في هذه الطريقة همالمسمون بعالم الأنفاس و هو اسم يعمجميعهم و هم على طبقات كثيرة و أحوالمختلفة فمنهم من تجمع له الحالات كلها والطبقات و منهم من يحصل من ذلك ما شاء اللهو ما من طبقة إلا لها لقب خاص من أهلالأحوال و المقامات التي يظهرون عليها فيقوله وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَكل طائفة في جنسها و منهم من يحصره عدد فيكل زمان و منهم من لا عدد له لازم فيقلون ويكثرون و لنذكر منهم أهل الأعداد و من لاعدد لهم بألقابهم إن شاء الله تعالى‏

الأقطاب‏

فمنهم رضي الله عنهم الأقطاب و همالجامعون للأحوال و المقامات بالأصالة أوبالنيابة كما ذكرنا و قد يتوسعون في هذاالإطلاق فيسمون قطبا كل من دار عليه مقامما من المقامات و انفرد به في زمانه علىأبناء جنسه و قد يسمى رجل البلد قطب ذلكالبلد و شيخ الجماعة قطب تلك الجماعة و لكنالأقطاب المصطلح على أن يكون لهم هذاالاسم مطلقا من غير إضافة لا يكون منهم فيالزمان إلا واحد و هو الغوث أيضا و هو منالمقربين و هو سيد الجماعة في زمانه و منهممن يكون ظاهر الحكم و يحوز الخلافةالظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة من جهةالمقام كأبي بكر و عمر و عثمان و علي والحسن و معاوية بن يزيد و عمر بن عبدالعزيز و المتوكل و منهم من له الخلافةالباطنة خاصة و لا حكم له في الظاهر كأحمدبن هارون الرشيد السبتي و كأبي يزيدالبسطامي و أكثر الأقطاب لا حكم لهم فيالظاهر

الأئمة

و منهم رضي الله عنهم الأئمة و لا يزيدونفي كل زمان على اثنين لا ثالث لهما الواحدعبد الرب و الآخر عبد الملك و القطب عبدالله قال تعالى وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَعَبْدُ الله يعني محمدا صلّى الله عليهوسلّم فلكل رجل اسم إلهي يخصه به يدعى عبدالله و لو كان اسمه ما كان فالأقطاب كلهمعبد الله و الأئمة في كل زمان عبد الملك وعبد الرب و هما اللذان يخلفان القطب إذامات و هما للقطب بمنزلة الوزيرين الواحدمنهم مقصور على مشاهدة عالم الملكوت والآخر مع عالم الملك‏

الأوتاد

و منهم رضي الله عنهم‏