فتوحات المکیة فی معرفة الأسرار المالکیة و الملکیة

ابی عبد الله محمد بن علی الحاتمی الطائی المعروف بابن عربی

جلد 2 -صفحه : 694/ 657
نمايش فراداده


  • إن الجزاء وفاق لا على عوض فإن يكن عوضفلست أوثره‏

  • فإن يكن عوضفلست أوثره‏ فإن يكن عوضفلست أوثره‏

اختصاص منزل عالم الغيب و الشهادة بعلمالتجلي الإلهي المشبه بالشمس‏

سلام عليكم و رحمة الله و بركاته اعلموايا إخواننا أن هذا المنزل من أعظم المنازلقدرا هو منزل النكاح الغيبي و هو نكاحالمعاني و الأرواح و يختص بهذا المنزل علمالتجلي الإلهي المشبه بالشمس ليس دونهاسحاب دون التجلي القمري البدري و هو قوله صلّى الله عليه وسلّم ترون ربكم كماترون القمر ليلة البدر و ليس لهذا التجلي مدخل في هذا المنزل‏ و كما ترون الشمس بالظهيرة ليس دونهاسحاب‏ و هذا المنزل منزله و من هنا يعرف و هومظهر إلهي عجيب و من هذا المنزل يعرف الجودالمقيد بالخوف و الجزاء و مرتبة الصدق و إنقبح و مرتبة الكذب و إن حسن و الغنيالمكتسب و هو الغني العرضي و علاماتالسعادة و علامات الشقاء و خيبة المعتمدعلى الأمور التي قد نصبها الله للاعتمادعليها و لما ذا يخيب صاحبها مع كون الحقنصبها لهذا و أهلها لها و علم الإفصاح عندرجات التقريب الإلهي من حضرة اللسن ومعرفة المقام الذي تتألف فيه الضرتان وتتحابان و معرفة الاصطلام اللازم و صفة منأعطى مقام هذا الاصطلام من المقربين منأمثالهم ممن لم يعطه و الجود بما يجدهالعارف من كل شي‏ء مما لا يجب عليه و هوخلق الجود الإلهي و هل يكون الحق عوضا ينالبعمل خاص أم لا و لنبين إن شاء الله حقائقهذا المنزل فصلا فصلا إيماء و تلويحا فإنهيطول و الله المؤيد لا رب غيره فمن ذلكالنكاح الغيبي المنتج قال تعالى وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ و قالتعالى وَ أَنْزَلَ من السَّماءِ ماءًفَأَخْرَجَ به من الثَّمَراتِ و قالجَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً و قد تقدم الكلام علىهذا الفصل في فصل المعارف من هذا الكتاب فيباب الآباء العلويات و الأمهات السفلياتفلينظر هنالك و لنذكر في هذا المنزل مايتعلق به و هو أن المعاني تنكح الأجسامنكاحا غيبيا معنويا فيتولد بينهماأحكامهما و ذلك حجاب على اليد الإلهيةالغيبية التي ما من شأنها أن تدرك و من ذلكجميع الصور الظاهرة في الهباء الهباء لهاكالمرأة و الصور لها كالبعل و لا يوجدعنهما إلا أعيانهما و هذا من أعجب الأسرارأن يكون الولد عين الأب و الأم لمن هو لهماولد و الأب و الأم عين الولد لمن هما لهأبوان و هو الذي أشار إليه الحلاج رحمهالله في قوله ولدت أمي أباها و لا يكونالوالد عين الولد لمن هو له والد و هو لهولد إلا في هذا النكاح و من هذا الباب قولهكُنْ و هي كلمة أمر التكوين و قال في عيسىإنه كلمة الله و في الموجودات إنها كلماتالله و ما له كلمة في الموجودات إلا كن و هيعين الموجود فإنه الكلمة و توجهها علىالعيون الثابتة فالأعين لها كالأم فظهرتالكلمات و هو وجود تلك الأعيان عن هذاالنكاح الغيبي و كان الولد بينهما عينهماليس غيرهما و هذا ألطف من الأمر الأول فإنالولد هنا عين كلمة الحضرة فكن عين المكونو هو منسوب إلى الله و الأول في الدرجةالثانية فإنه منسوب إلى الهباء و الصورة وهذا النكاح مدرج فيه فافهم فقد رميت بك علىالطريق فالجسمانيات كلها أولاد عن نكاحغيبي و الأجسام كلها منها ما هو عن نكاحغيبي و منها ما هو عن نكاح غيبي مدرج فينكاح حسي كنكاح الرياح و المياه والحيوانات و النبات و المعادن و ما يتولدفي الأجسام العنصرية لا الأجسام الطبيعيةفإن العالم الملكي لا يتولد عنه من جنسهشي‏ء إلا أن يكون أبا في وقت لأم عنصريةبما يلقى إليها فما ينتج فذلك الولدبينهما قد يخلق ملكا و هو المعبر عنه بلمةالملك و هو ما يلقيه إلى النفس الإنسانيةفيتولد بينهما تسبيحة أو تهليلة تخرج نفسامن المسبح و المهلل فينفتح في عين ذلكالنفس و جوهره صورة ملكية يكون ذلك الملكالملقي أباها و النفس أمها فترتقي تلكالصورة إلى أبيها و تلازمه بالاستغفارلأمه التي هي النفس الإنسانية إلى يومالقيامة و من هنا يحكم في الشريعة للوالدبأخذ ولده عن أمه إذا ميز و عقل بلا خلاففإن هذا الملك يخلق عاقلا و من أعجبالأنكحة الإعدام و لهذا اختلف فيه أهلالكشف فالله سبحانه علقه بالمشيئة فقالإِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ و علق الاقتداربإيجاد قوم آخرين فقال وَ يَأْتِبِآخَرِينَ و كان الله على ذلك و لم يقلذينك على التثنية فكانت الإشارة من حيثأحديتها للأقرب و هو الذي أتى به و من هذاالباب إرسال الريح العقيم فإنها لإزالةأعيان الصور الظاهرة عن التأليف لا أعيانالجواهر فما أنتجت وجودا فنسب إليها العقمو نفي عنها أن تكون لاقحة فهذا نكاح لمجردالشهوة لا لوجود الولد كنكاح أهل الجنةفما يكون عن كل شهوة كيان و لا بد وجود عينيلنفسه‏