فبين اللّه تعالى أن في هذا «1» من هو عدولكم في الدين فاحذروهم فيه.
فصل: قوله «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَااسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُواوَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَهُمُ الْمُفْلِحُونَ» الآيات: 16- 17.
كل ما يأمر اللّه به فلا بد أن يكون مشروطابالاستطاعة، فان كانت الاستطاعة غيرباقية على مذهب من يقول بذلك، فالأمر بمايفعل في الثالث و ما بعده مشروط بأن يفعلله استطاعة قبل الفعل بوقت، و الا لا يكونمأمورا بالفعل.
و ان كانت باقية، فالأمر على صفةالاستطاعة، لأنه لا يصح الشرط بالموجودلان الشرط يحدث، فليس يخلو من أن يكون علىشريطة وقوع القدرة، أو على صفة وجودالقدرة.
و قال قتادة: قوله «فَاتَّقُوا اللَّهَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ناسخ لقوله «اتَّقُوااللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ» «2» كأنه يذهبالى أن فيه رخصة كحال التقية و ما جرىمجراها مما يعظم فيه المشقة و ان كانت معهالقدرة على الحقيقة.
و قال غيره: ليس بناسخ و انما هو مبين لامكان العمل بها، و هو الصحيح لان تقديره:اتقوا اللّه حق تقاته فيما استطعتم.
قوله «إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاًحَسَناً» فالقرض أخذ قطعة من المال بتمليكالأخذ له على رد مثله، و أصله القطع من قرضالشيء يقرضه قرضا إذا قطع منه قطعة و ذكرالقرض في صفة اللّه تلطفا في الاستدعاءالى الإنفاق في سبيل، فهو كالقرض في مثلهمع أضعافه.
فصل: قوله «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذاطَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّلِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ
(1) في التبيان: هؤلاء. (2) سورة آل عمران: 102.