و الثاني: أن يكون أمرا بصلة قرابة النبي(عليه السلام) و هم الذين أرادهم اللّهبقوله «فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى» «1»على ما بيناه فيما قبل.
ثم أمر خلقه بأن يفوا بعهده إذا عاهدواعليه، و العهد الذي يجب الوفاء به هو كلفعل حسن إذا عقد عليه و عاهد اللّه ليفعلنهبالعزم عليه، فانه يصير واجبا عليه، و لايجوز له خلافه، ثم يكون عظم النقص بحسبالضرريه، فأما إذا رأى غيره خيرا منهفليأت الذي هو خير و ليكفر عند الفقهاء. وقال أصحابنا: إذا وجد خيرا منه فعل الخير ولا كفارة عليه.
ثم قال «و لا تنقضوا الايمان بعد توكيدها»نهي منه تعالى عن حنث الايمان بعد عقدها.
و في الاية دلالة على أن اليمين علىالمعصية غير منعقدة، لأنها لو كانت منعقدةلما جاز نقضها، و أجمعوا على أنه يجب نقضهاو لا يجوز الوفاء بها، فعلم بذلك أن اليمينعلى المعصية غير منعقدة.
فصل: قوله «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَفَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِالرَّجِيمِ» الاية: 98.
قال: يا محمد «فَإِذا قَرَأْتَالْقُرْآنَ» و المراد به جميع المكلفين«فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ» و المعنى إذاأردت قراءة القرآن فاستعذ باللّه، كما قال«إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِفَاغْسِلُوا» «2» و المعنى: إذا أردتمالقيام اليها، لان بعد القراءة لا تجبالاستعاذة الا عند من لا يعتد بخلافه.
و الاستعاذة عند التلاوة مستحبة غيرواجبة بلا خلاف، ثم أخبر أنه ليس للشيطانسلطان و حجة على الذين آمنوا باللّه وحده ولم يشركوا به سواه.
قال الجبائي: في الاية دلالة على أن الصرعليس من قبل الشيطان، قال:
(1) سورة الانفال: 41. (2) سورة المائدة: 6.