و لما بلغ (1) [الخبر] (2) الروم و أحوالالأمراء المبعوثين كتبوا إلى هرقل، فقاللأصحابه: أرى من الرأي ألا تقاتلوا هؤلاءالقوم، و أن تصالحوهم، فلم يقبلوا منه،فخرج هرقل حتى نزل بحمص، فعبى لهمالعساكر، و بعث إلى تذارق، فخرج في تسعينألفا، فنزلوا على فلسطين، و بعث جرجة بنوذار نحو يزيد ابن أبي سفيان. فعسكربإزائه، و بعث إليه الدّارقص فاستقبلشرحبيل بن حسنة، و بعث الفيقار بن نسطوس فيستين ألفا نحو أبي عبيدة، فهابهمالمسلمون، و كتب المسلمون إلى أبي بكر وإلى عمر: ما الرأي؟ فكتب عمر: الرأيالاجتماع، فاتعدوا باليرموك، و جاء كتابإلى أبي بكر رضي الله عنه بمثل رأي عمر،اجتمعوا باليرموك، فتكونوا عسكرا واحدا،و لن يؤتى مثلكم من قلة، الله ناصر مننصره، و ليصل كل رجل منكم بأصحابه.
فبلغ ذلك هرقل، فكتب إلى بطارقته: اجتمعوالهم، و انزلوا بالروم منزلا واسع العطن (3)،واسع المطّرد، ضيّق المهرب، و على الناسالتّذارق، و على المقدمة جرجه، و علىمجنّبتيه باهان و الداراقص، و على العربالفيقار.
ففعلوا (4) و نزلوا الواقوصة، و هي على ضفةاليرموك، و صار الوادي خندقا لهم، و نزلالمسلمون بحذائهم على طريقهم، و ليس للرومطريق إلا عليهم، فقال عمرو:
أبشروا حصرت (5) الروم، و قلما حاصر قومقوما إلا ظفروا بهم، و أقاموا بذلك صفر منسنة ثلاث عشرة، و شهري ربيع لا يقدرون منالروم على شيء، و لا يخلصون إليهم و لايخرج الروم خرجة إلا أديل (6) [المسلمون] (7)عليهم.
(1) تاريخ الطبري 3/ 392. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. (3) في الأصل: «أهل العطن». (4) تاريخ الطبري 3/ 393. (5) في الأصل: «حضرت الروم». (6) في اللسان: أديل لنا على أعدائنا، أينصرنا عليهم و كانت الدولة لنا. (7) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، وأوردناه من الطبري.