و كان الفيقار قد بعث رجلا عربيا، فقال:ادخل في هؤلاء القوم يوما و ليلة، ثم ائتنيبخبرهم، فجاء فقال: بالليل رهبان وبالنهار فرسان، و لو سرق ابن ملكهم قطعوايده، و لو زنا رجم لإقامة الحق فيهم، فقال:لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها،فلما أقبلوا تجلجل الفيقار و أشراف منالروم برانسهم، ثم جلسوا و قالوا: لا نحبأن نرى يوم السوء إذا (1) لم نستطع أن نرىيوم السرور، و إذ لم نستطع أن نمنعالنصرانية فأصيبوا في تزملهم.
و قال عكرمة بن أبي جهل يومئذ (2): قاتلترسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في كلموطن، و أفرّ منكم اليوم، ثم نادى: منيبايع على الموت؟ فبايعه الحارث بن هشام،و ضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوهالمسلمين و فرسانهم، فقاتلوا قدّام فسطاطخالد حتى أثبتوا جميعا جراحا. و أتى خالد[بعد ما أصبحوا] (3) بعكرمة جريحا، فوضع رأسهعلى فخذه، و بعمرو بن عكرمة فوضع رأسه علىساقه، و جعل يمسح عن وجوههما (4)، و يقطر فيحلوقهما الماء، [و يقول: كلا، زعم ابنالحنتمة أنا لا نستشهد] (5).
و أصيبت يومئذ عين أبي سفيان، فأخرج السهممن عينه [أبو] (6) حثمة. و قاتل النساء يومئذ،منهن جويرية (7) بنت أبي سفيان (8).
و قتل الله أخا هرقل، و أخذ التّذارق (9)، وانتهت الهزيمة إلى هرقل و هو دون مدينةحمص، فارتحل فجعل مدينة حمص بينه و بينهم(10).
(1) في الأصل: «يوم السواد إن»، و التصحيحمن الطبري. (2) تاريخ الطبري 3/ 401. (3) ما بين المعقوفتين: من الطبري. (4) في الأصل: «في وجوههما». (5) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، وأوردناه من الطبري. (6) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، وأوردناه من الطبري. (7) في الأصل: «جويرثة». (8) من خبر في تاريخ الطبري، عن أبي أمامةبتصرف (تاريخ الطبري 3/ 101. (9) من خبر في تاريخ الطبري 3/ 403 عن يزيد بنسنان، عن رجال من أهل الشام و من أشياخهمبتصرف. (10) في الأصل: البدارق، و في أ: التدارق، وما أوردناه من الطبري.