الأمور المتقدمة على التصديق بها أولىبأن يكون غنيا عن التعريف بل هاهنا بحث لابد منه و هو أن معرفة الحال التي نجدها منالنفس التي سميناها باللذة أ هي نفس إدراكالملائم أو أمر مغاير لذلك الإدراك وبتقدير كونه مغايرا لذلك الإدراك أ هومعلول له أو لشيء آخر و إن لم يوجد إلا معذلك الإدراك.
فهذه أمور لا بد من البحث عنها و إلى الآنلم يتضح عندي شيء من هذه الأقسامبالبرهان و لكن الأقرب أن الألم ليس هو نفسإدراك المنافي لأن التجارب الطبية شهدتبأن سوء المزاج الرطب غير مؤلم مع أنهمحسوس و لو كان الأمر الغير الطبيعي هو نفسالألم لاستحال أن يوجد مع عدم الألم و بهثبت أيضا أن إدراك المنافي وحده لا يكفي فياقتضاء الألم انتهى أقول دعواه أولا بأناللذة و الألم و العلم أمور غنية عنالتعريف كما أن علمنا بأن لنا لذة أو ألماغني عن البرهان بل هما أولى بالغناء عنالتعريف من القضية الحسية بالغناء عنالبرهان ينافي اعترافه ثانيا بالجهلبامتياز كل منهما عن العلم بالمنافي والملائم أو اتحادهما مع ذلك العلم.
ثم استدلاله ثالثا على أن الألم ليس نفسالإدراك بالمنافي و لا مستلزما له أيضافهذا عجيب من مثله في الفضل و البراعة.
و أما البرهان على أن اللذة هي عينالإدراك بوجود الكمال و كذا الألم عينالإدراك بما يضاد الكمال ففي غاية الوضوحو الإنارة بعد تحقيق الإدراك و الوجود والكمال أما الوجود فليس الأمر فيه كماتوهمه هو و من في طبقته و أتباعه منالمتأخرين من أنه أمر عقلي انتزاعيكالشيئية و الممكنية و أمثالهما بل هو أمرعيني حقيقي يطرد به العدم فهو نفس هويةالشيء و به يتشخص كل ذي ماهية و الوجودمختلف في الأشياء ذوات الماهيات لأن وجودالإنسان مثلا غير وجود الفرس و وجودالسماء غير وجود الأرض و الوجود بهذاالمعنى كما أنه متفاوت في أنواع الماهياتكذلك مما يشتد و يضعف و يكمل و ينقص و وجودكل شيء هو خير له و كمال ذلك الوجود كمالالخير له و زوال