أما بيان هذا في مسألتنا هذه فهو أن منالمدركات ما لا يدرك إلا عند الاستحالة وهو مثل الملموسات فإن الكيفية إنما تحسبها ما دام العضو اللامس مضادا لها فيالكيفية و ينفعل عنها فإذا انفعل و استقرصارت الكيفية مزاج العضو فلم يحس به إذ كلحس فهو باستحالة ما و الشيء لا يستحيل عننفسه و لهذا لا يتأذى صاحب الدق بالحرارةالشديدة التي هي أشد من حرارة الحمىالمحرقة و يتأذى صاحب الحمى المحرقة بماهو دون ذلك و ذلك لأن حرارة الدق متمكنة منالأعضاء كالمزاج لها و مزاج الأعضاءيخالفها و حرارة الحمى المحرقة طاريةعليها و الأطباء يخصون ما يجري مجرى الدقباسم سوء المزاج المستوي و ما يجري مجرىالمحرقة باسم سوء المزاج المختلف و قدتبين أن السبب في عدم الالتذاذ بما يستقرمن الكمالات الحسية هو عدم الإدراك و سبباللذة عند ابتداء الخروج إلى الحالةالطبيعية هو حصول الإدراك و لما عرض أن كانحصول الإدراك مع الخروج من الحالة الغيرالطبيعية عرض أن كان اللذة مع الخروج عنهافظن أن ذلك سببها و ليس الأمر كذلك بلالسبب حصول الكمال فهذا هو سبب اللذةانتهى.
و ذكر في القانون أن الوجع الإحساسبالمنافي.
و قال في الفصل الأخير من المقالة الثامنةمن إلهيات الشفاء أن اللذة ليست إلا إدراكالملائم من جهة ما هو ملائم.
و قال في فصل المعاد من المقالة التاسعةإن القوى تشترك في أن شعورها بموافقها وملائمها هو الخير و اللذة الخاصة بها وموافق كل واحد منها بالذات و الحقيقة هوحصول الكمال الذي هو بالقياس إليه كمالبالفعل قال فخر المناظرين اللذة و الألمحقيقتان غنيتان عن التعريف.
إذ كما أن التصديقات المكتسبة يجب أنتنتهي إلى تصديق غني عن البرهان و كذلكالتصورات المكتسبة يجب انتهاؤها إلىتصورات غنية عن التعريف و كما أن القضاياالحسية لا يحتاج صحتها إلى البرهان كعلمالإنسان بألمه و لذته فتصور هذه