ثم إن بعض الأوائل جعل طبيعة اللانهايةمبدأ العالم و هو باطل أما أولا فلأنهامعنى عدمي لا تحصل له و أما ثانيا فلأناللانهاية لا يخلو إما أن يكون منقسما أولا يكون فإن كان منقسما وجب أن يكون جزؤهمساويا لكله لأنه ليس هناك طبيعة أخرىوراء ذلك المفهوم فيجب أن يكون كل واحد منأجزائه غير متناهية أيضا و هو محال و إن لميكن قابلا للقسمة فهو غير متناه علىالمعنى السلب لا على معنى العدول الذي هوالمراد.
البحث الثاني في أن الموصوف باللانهايةلا بد أن يكون مادة لا صورة
لأن الموصوف به طبيعة عدمية و ذلك لأنه لاينتهي إلى بطلان القوة عنه بل القوةمحفوظة فيه دائما و هي متعلقة بالمادة لابالصورة التي هي بالفعل بل هي جهة الفعليةفخرج من هذا أن ما لا نهاية له لا يكون كلاو جملة لأن الكل صورة تمامية أو ذو صورةتمامية و اللانهاية طبيعة عدمية و منهاهنا يتحدس اللبيب أن هذا العالم طبيعةعدمية حادثة الوجود لا تمامية له في نفسهإلا بعالم آخر و هو صورته التمامية وفعليته التي لا قوة لها.
البحث الثالث أن الجسم الذي لا نهاية لهيستحيل أن يتحرك
لأنه إما أن يكون غير متناهي الجهات كلهافذلك ظاهر إذ لم يوجد لحركته مكان و لم يخلعنه مكان أو يكون متناهيا في بعضها فذلكإما بمقتضى طبيعته أو بقسر قاسر فالأولمحال إذ الطبيعة الواحدة يتساوى فعلها منكل الجوانب و الثاني لا يخلو إما أن إفادةالقاسر ذلك الحد بأن قطعه أو جعله محدودامن غير قطع كما يجعل المتناهي صغيرابالتكثيف و كبيرا بالتلطيف و التسخين فعلىالتقديرين فشأن ذلك الجسم إما أن يكون غيرمتناه بمقتضى طبيعته و متناهيا بالقاسر وسيأتي بطلانه في البحث الرابع ثم علىتقدير صحته إذا فرضنا حركة الجسم المحدودمن جانب دون جانب إلى الجهة الفارغة عنهفلا يخلو إما أن يخلى من الجهة المقابلة أولا يخلى فعلى الثاني لم ينتقل إليه بلازداد حجما من هذا الجانب و إن أخلي فالجهةالغير المتناهية ثم هذه الحركة ليست