المذكور و هو مذهب المعلم الأول و أتباعهكالشيخين و غيرهما و أما البعد المجردالمنطبق على مقدار الجسم بكليته و هو مذهبأفلاطن و الرواقيين و الأقدمين و تابعهمالمحقق الطوسي فكأنه جوهر متوسط بينالعالمين و مما يؤيد مذهبهم أنا سنقيمالبرهان على وجود عالم مقداري محيط بهذاالعالم لا كإحاطة الحاوي بالمحوي بلكإحاطة الطبيعة للجسم و الروح للبدن وليكن المكان من هذا القبيل و هو مؤيد أيضابالأمارات كما ستعلم و أصحاب البعد منهممن زعم أن العلم به ضروري لأن الناس كلهميحكمون أن الماء فيما بين أطراف الإناء وأن مكان نصف الماء نصف مكان كله و كذا لكلجزء جزء منه بأي وجه قسم و منهم من احتجعليه و لهم في ذلك مسلكان أحدهما ما يثبتالبعد و ثانيهما ما يبطل السطح
أما المسلك الأول فمن وجهين الأول أناختلاط الأمور إذا كان منشأ للاشتباهفإنما يزول الاشتباه برفع شيء بعد شيءمنها حتى لا يبقى إلا واحد فيحصل التميز والبعد من هذا القبيل فإنا إذا توهمنا خروجالماء من الإناء و عدم دخول الهواء فيهفيلزم أن يكون البعد الثابت بين أطرافالإناء موجودا و هو المطلوب و الثاني أنكون الجسم في المكان ليس بسطحه فقط بلبحجمه فيكون كالجسم ذا أقطار ثلاثة
و أما المسلك الثاني فلوجوه الأول أنهيلزم كون الشيء ساكنا و متحركا في زمانواحد فإن الطير الواقف في الهواء و السمكالواقف في الماء عند ما يجري الهواء والماء عليهما متحركان فإن الذي فرض مكانالهما قد تبدل عليهما.