و جعل التعلق الأول من القوى النفسانيةمختصا بهذا الروح و فائضا ثانيا بتوسطه فيالأعضاء البدنية و مادة الروح لطيفالأخلاط و بخاريتها كما أن مادة خلقةالجسد من كثيف الأخلاط و أرضيتها فنسبةالروح إلى صفوة الأخلاط كنسبة الجسد إلىكدرها و كما أن الأخلاط إنما يتجوهر منهاالأعضاء لامتزاج بينها يؤدي إلى صورةواحدة مزاجية يستعد بها لقبول الأحوالالتي لم يستفد من العناصر كذلك الصفوة منالأخلاط إنما يتجوهر منها الأرواح لقبولالقوى النفسانية التي لم يستفد منالبسائط.
ثم إنك ستعلم أن المبدأ الإلهي عام الفيضدائم الجود لا لتخصيص فيضه و جوده من قبلهبواحد دون واحد و لا بوقت دون سائر الأوقاتبل إنما يقع التخصيص بواحد أو وقت دون واحدو وقت آخرين من جهة تخصيص المواد و الأسبابالناشئة من قبلها لا من قبله فلا جرم لا بدلنا أن نعرف الأسباب المعدة لوجود هذهالكيفيات النفسانية لأن لا يعترينا شك فيعدم تغير واجب الوجود و صفاته الأوليةأعاذنا الله من ذلك فاتفق الحكماء والأطباء على أن الفرح و الغم و الخوف والغضب كيفيات تابعة للانفعالات الخاصةبالروح الذي ينبعث عن التجويف الأيسر منالقلب و يسري صاعدا لطيفه إلى الدماغ وهابطا كثيفه إلى الكبد و سائر الأعضاء.
ثم إن كلا من هذه الانفعالات يشتد و يضعفلا بسبب الفاعل فإنما يتبع في اشتداده وضعفه اشتداد استعداد جوهر المنفعل و ضعفه.
و الفرق بين القوة و الاستعداد كما وقعتالإشارة إليه في مباحث القوة و الفعل و فيغيرها أن القوة تكون بعيدة و الاستعدادقريبا و أن القوة على الضدين سواء والاستعداد على الضدين لا يكون سواء فإن كلإنسان يقوى على أن يفرح و يحزن إلا أن منهممن هو مستعد للفرح فقط و منهم من هو مستعدللغم فقط و الاستعداد استكمال القوةبالقياس إلى أحد المتقابلين فلنذكر السببلحصول الاستعداد للفرح.
فنقول إن الذي يعد النفس للفرح أمور ثلاثة
كما ذكره الشيخ في رسالته في