إلا مع المادة بأن كان وجوده في المادةمصححا لقبوله للإشارة و الجهة و الانقسامو غير ذلك فإن المقدار إذا فرض مجردا عنالمادة كما في الخيال كان ذا نهايةمقدارية و ذا أجزاء لها هيئة اتصال بمعنىغير ما ذكروه من كونها على وجه يقال لكلمنها أين هو من صاحبه و يتصور له أيضا شكلمن غير أن يكون للشكل أين.
و له أيضا سطوح و خطوط لها أوضاع بمعنى آخرو للخط نقطة لها وضع خاص لا بمعنى الإشارةالحسية.
و بالجملة فكما للعقل إشارة و للحس إشارةغيرها فكذا للقوة الخيالية إشارة إلىالمقادير و أطرافها غير تينك الإشارتين وللعقل وضع يختص بالعقليات و الكليات وللخيال وضع يوجد للأشباح الإدراكية و للحسوضع يختص بالماديات سواء كان للنقطة أوللمقدار المنقسم في بعض الجهات لا كلها أوفي الجسم المنقسم في جميع الجهات و الوضعالذي هو من المقولة هو هذا المعنى الأخير وكذا الوضع الذي جزء المقولة لا يوجد إلا فيعوارض المادة.
فإن النقطة ما لم تقع في هذا العالم لم يكنقابلا للإشارة الحسية و الخط و السطح ما لميقعا في المادة القابلة لم يكن أجزاؤهمابحيث يصح أن يقال يعرض لبعض منها بالقياسإلى بعض أين هو من الآخر.
ثم الوضع قد يكون بالطبع و قد يكون لابالطبع
و قد يكون بالفعل و قد يكون بالقوة و الذيبالطبع و بالفعل كوضع الأرض من الفلك فإنحيزيهما متمايزان بالفعل و أما الذيبالفعل و ليس بالطبع كحال ساكن البيت منالبيت فإن الوضع حاصل لهما بالفعل لكناختلاف حيزيهما ليس اختلافا طبيعيا و أماالذي بالقوة كما يتوهم قرب دائرة الرحىإلى قطبها و نسبته إلى دائرة القطب ليستبالفعل إذ لا دائرة بالفعل فلا وضع إلابالتوهم أو بالقوة و الوضع مما يقع فيهالتضاد و الشدة و الضعف.
أما التضاد فكون الإنسان رأسه إلى السماءو رجله إلى الأرض مضادا لوضعه إذا صارمعكوسا و الوضعان معنيان وجوديانمتعاقبان على موضوع واحد من غير أن