أما المقدمة ففي بيان ماهية الجوهر والعرض و أحوالهما الكلية و فيها فصول
فصل (1) في تحقيق ماهيتهما
اعلم أن مفهومات الأشياء بعضها موجودةبالذات و بعضها موجودة بالعرض.
فمثال الأول قولنا الإنسان حيوان فإنالوجود المنسوب إلى الإنسان بعينه منسوبإلى الحيوان الذي يحمل عليه بالحقيقة.
و مثال الثاني زيد أعمى و زيد أبيض فإنالوجود المنسوب إلى زيد بعينه ليس منسوباإلى العمى و البياض بالحقيقة بل بضرب منالمجاز بواسطة نحو علاقة للمحمولبالموضوع سواء كان عدميا أو وجوديا و تلكالعلاقة أن يكون مبدأ المحمول منتزعا عنهأو قائما به فالموجود في القسم الثاني هوالموضوع و لكن نسب وجوده إلى المحمولبالعرض و هذا النحو من الموجودية غيرمحدود فلنعرض عنه و نشتغل بالموجودبالذات.
فنقول قد علمت أن كل موجود إما أن يصح أنيقال إن إنيته ماهيته بمعنى أن لا ماهية لهإلا الوجود الصرف الذي لا أتم منه أو لايصح فالأول قد سلف بعض أحكامه بحسبالمفهوم و سيأتي البحث عن بيان وجوده وأوصافه الكمالية و أحكامه الوجودية وكلامنا الآن فيما وجوده غير ماهيتهبالمعنى الذي سلف منا ذكره أي ليس وجودهبذاته بل بغيره فأقدم أقسام هذه الموجوداتهو الجوهر و ذلك لأن هذا الموجود لا يخلوإما أن يكون في محل أو لا يكون و المراد منكون الشيء في المحل أن يكون وجوده فيشيء آخر لا كجزء منه مجامعا معه لا يجوزمفارقته عنه.
و قد أشكل على القوم هاهنا تفسير كونالشيء في محل و استصعبوه لما في لفظة فيمن الاشتراك و التشابه بين معاني كثيرةكما نقول في الزمان و في المكان و في الذهنو في الخارج و في الغاية و في الكل و فيالأجزاء و في العام و في الخصب و في