و اعلم أن كثيرا من أحوال العدد قد ذكرناهفي مباحث الوحدة و الكثرة فبقي علينا منمباحث الكم أمر الزاوية و أمر المكان و أماأحوال الزاوية فنؤخرها إلى الكيفياتالمختصة بالكميات و أما أمر المكانفنذكرها الآن
فصل (12) في المكان و إنيته
الشيء قد يكون معلوما من جهة بعضأماراته و خواصه دون بعض فيصير مطلوبا منتلك الجهة نفيا و إثباتا و تنويعا و تقسيماو المفهوم من المكان ما يصح أن ينتقل الجسمعنه أو إليه و أن يسكن فيه و أن يكون مشاراإليه بأن يقال للجسم هنا أو هناك و أن يكونمقدرا له نصف و ربع و أن يكون بحيث يمتنعحصول جسمين في واحد منه فهذه أربع أماراتتصالح عليها المتنازعون لئلا يكون النزاعلفظيا فاختلفوا فيه فمنهم من أنكر وجودهمحتجا بأنه لو كان موجودا لكان إما جوهراأو عرضا و كلاهما محال.أما الأول فلأنة لو كان جوهرا لم يكنمجردا لقبوله الوضع فيكون جسما و هو محاللاستلزامه التسلسل لأن كل جسم فله مكانفإذا كان المكان جسما كان له مكان و يتسلسللا إلى نهاية و لأنه يلزم تداخل الأجسام وأما كونه عرضا فلأنة إما أن يقوم بالمتمكنفينتقل بانتقاله فلا يكون الانتقال إليهأو منه بل معه و أيضا لا يكون الجسم فيه بلهو في الجسم أو يقوم بغير المتمكن فلم يكنمن أحوال الجسم المتمكن بل يكون المتمكنشيئا آخر لأن المتمكن من قام به المكانفيجب أن يكون هو الحاوي لا المحوي.
حجة ثانية لهم لو كان المكان لا بد منهللحركة فلا يخلو إما أن يكون المكانمحتاجا إلى الحركة و هو محال لتحققه مع عدمالحركة أو الحركة محتاجة إليه و هو أيضا