فصل (16) في أن الخلاء لو ثبت لم يكن فيه قوةجاذبة و لا دافعة للأجسام
زعم محمد بن زكرياء الرازي أن له قوةجاذبة للأجسام و لهذا يحتبس الماء فيالأواني التي تسمى سراقات الماء و ينجذبفي الأواني التي تسمى زرقات الماء و منهممن أثبت له قوة دافعة لها إلى فوق و يدل علىبطلان الأول أن الخلاء متشابه الأجزاء فلوكان فيه جذب لما اختص ببعض الجهات و علىبطلان الثاني إن الخلاء المحرك إماالمبثوث في داخل الجسم أو في خارجه المحيطبه.
فعلى الأول إما أن يكون محركا لأجزائه أولكله و الأول محال لأن كل واحد من أجزاءالجسم ليس فيه خلاء فلم يكن حركتها بسببالخلاء بل بمحرك آخر فإذا حرك مجموعالمحركات مجموع الأجزاء كان الجسم متحركالا محالة بسبب ما حركها لا بسبب آخر.
و الثاني أيضا محال لأن تحريك ما يتركب عنالأجزاء لا يمكن إلا بتحريك أجزائه كما أنعلة المركب لا بد أن تكون علة لأجزائه وأما على الثاني فمعلوم أن الخلاء المحيطبجسم كبير لا يصعده إلى فوق فإذن لا ينفعلمن الخلاء إلا جسم يتخلخل الخلاء بين جزءمن أجزائه فرجع إلى أن بعض الأجسام مقتضىطبعه أن يتباعد بعض أجزائه عن بعض فيلزمهرب الأجزاء المتجانسة بعضها عن بعض و هوباطل لأن التجانس علة الضم و يلزم هربهاإلى جهات مختلفة مع اتحاد الطبيعة و أيضاإن لم يكن هناك مهروب عنه فالهرب عنه محالو إن كان فيلزم كون كل منها مهروبا عن نفسه