حکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة

صدرالدین محمد بن ابراهیم

جلد 4 -صفحه : 286/ 136
نمايش فراداده

«135»

فلا جرم صارت اللذة و الأذى فيه أقوى.

أقول إن جالينوس لم يكن حكيم النفس و لالطيف القلب ذكيا فما ذكره يلزم منه أن يكونلذة الخيال أضعف من اللذات الحسية كلها إذلا يتصور هناك مقاومة و كذا اللذة العقليةو كأنه لم يدركها.

ثم المقاومة و عدمها مما لا مدخل لها فيأصل اللذة و الألم بل لو كان ففي دوامها إذلذة كل قوة بإدراك صورة ملائمة لها و ألمهابصورة ضدها نعم لكل قوة حد من حدود الوجودبعضها أقوى و بعضها أضعف و بعضها ألطف وبعضها أكثف و أقوى الوجودات أقواها لذة.

و لا نسلم أن ما هو أكثف فهو أقوى و ما هوألطف فهو أضعف و لا نسلم أيضا أن النارأضعف العناصر و الأرض أقوى بل العكس فيالجميع أولى و أحق عند التحقيق فإن وجودالجن و الشياطين أقوى من وجود الحيوان والإنسان و لهما أفاعيل شاقة و أعمال قويةلا يقدر على عشر من أعشارها البشر كما هومتواتر الصدق إجمالا و إن كانت الخصوصياتآحاديا و أيضا الفلك و ما فيه لا شبهة فيأنها ألطف من العناصر و هي مع ذلك أقوى وأقوم منها من غير شبهة فإدراكها أقوىفيكون ألذ فعلم أن الألطف أقوى إدراكافيكون أشد إلذاذا.

و أما حال هذه الحواس فالوجه في تفاوتإدراكاتها لمدركاتها أن المزاج الحيوانيحاصل من هذه المواد العنصرية و نفسهمنبعثة من مزاجه.

ثم الغالب على بدنه الأرض ثم الماء ثمالبخار ثم الهواء ثم النار و بعدها ابتدئالأرواح و الأفلاك و الأملاك فلهذا الغالبعلى أكثر الأفراد بحكم المناسبة الجنسيةإدراك الملموسات ثم المطعومات ثمالمشمومات ثم المسموعات و المبصرات ثمالمتخيلات و المظنونات ثم العقليات واليقينيات و هكذا قياس لذاتهم و آلامهمالتابعة لمدركاتهم