المحسوس على الحس أي الصورة الموجودة فيآلة النفس فتلك الصور كلها كيفيات نفسانيةعندنا و ليس شيء منها محسوسا لأحد بإحدىالحواس و لا يمكن إدراكها إلا بالنفس لابالحس إذ لا توسط للحس في الحس بل فيالمحسوس الخارج عنه.
فإن قلت فما قولك في اللذة البصرية فإنالمحسوس بالبصر هو الأمر الخارجي إذ لوكان الإبصار بانطباع صورة المرئي في العضوالمخصوص لزم فساد انطباع العظيم في الصغيرو غير ذلك من المفاسد.
قلت مذهبنا في الإبصار أمر آخر غيرالمذاهب المشهورة فإنه بتمثل الصورةالمبصرة للنفس في غير هذا العالم و تلكالصورة أيضا ليست من جنس هذه الكيفياتالمسماة بالحسيات بل لونها و شكلها من جنسالكيفيات النفسانية و هي قائمة بالنفس لابآلة البصر قيام المفعول بالفاعل لا الحالبالمحل فليدرك غور هذا التحقيق فإنه شريفجدا نافع في علم المعاد و موعد بيانه غيرهذا الموضع.
و مما ينبغي أن يعلم هاهنا أنه نقل عنجالينوس أنه قال إن اللذة و الألم يحدثانفي الحواس كلها و كلما كان الحس أكثف كانتمقاومته مع الوارد أكثر فكان الألم واللذة أقوى و ألطف الحواس البصر لأنه يتمبالنور الذي يشبه النار التي هي ألطفالعناصر فلا جرم لا يكون اللذة و الأذى فيالبصر إلا قليلا و السمع أقل لطافة منالبصر لأن آلته الهواء المقروع فلا جرمصارت اللذة و الأذى في هذه الحاسة أكثرمنها في البصر ثم الشم أقل لطافة من السمعلأن محسوسه البخار و هو أغلظ من الهواء فلاجرم اللذة و الأذى في الشم أكثر منها فيالبصر و السمع و الذوق أغلظ من الشم لأنآلته الرطوبة العذبة في درجة الماء فلاجرم اللذة و الأذى في الذوق أكثر و اللمسأغلظ من جميع الحواس لأنه في قياس الأرضفكانت مقاومته مع الوارد أقوى و أبطأ