حکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة

صدرالدین محمد بن ابراهیم

جلد 4 -صفحه : 286/ 71
نمايش فراداده

«70»

و اعلم أن من القدماء من أنكر وجودالبرودة و جعلها عدما للحرارة و رد بأنالجمود و التكثيف كالسيلان و الترقيقفعلان وجوديان مقابلان لهما و لا يمكنإسناد الفعل الوجودي إلى العدم و لا إلىالجسمية المشتركة فلا بد من وجود كيفيتينوجوديتين لتكونا مصدرين لهذه الأفعالالأربعة المتقابلة.

و يمكن أن يؤول كلام القدماء بأن وجودالحرارة أقوى من وجود البرودة فوجودالبرودة عادم لشدة الوجود و لذلك فعلالحرارة أشبه بالوجودي من فعل البرودة لأنالسكون و الجمود أشبه بالعدم من الحركة ولأن الحرارة قد تكون جوهرا سماوياكالطبيعة الفائضة من عالم النفوس علىأبدان فتفعل أفعالا غريبة مخالفة لفعل هذهالحرارات العرضية

فصل (2) في ماهية الحرارة الغريزية وإنيتها

ربما يتوهم أن إطلاق الحرارة على حرارةالنار و على الحرارة الفائضة من الأجرامالكوكبية و على الحار الغريزي الفائض منعالم النفوس و على الحرارة الحادثةبالحركة بحسب اشتراك الاسم و ليس كذلكلأنه لمفهوم واحد و هو الكيفية المحسوسةالتي توجب التلطيف و التصعيد و إن كانتالحرارة مختلفة بالحقيقة و الذي يشك فيهاختلاف المفهوم إنما هو في إطلاق الحارعلى النار و على النيرات السماوية و علىالطبيعة الفاعلة في الأبدان و على الأدويةو الأغذية التي يظهر منها حرارة في بدنالحيوان و هل في كل من الكواكب و الدواءصفة مسماة بالكيفية المحسوسة التي تكون فيالنار أم ذلك توسع و إطلاق الحار على مامنه الحرارة و إن لم يقم فيه المسمىبالحرارة فيه تردد.

و الحق أنه لو ثبت فيما منه الحرارة أنهيفعلها بالذات فهو حار فإن القوى تعرفبأفاعيلها و الأثر من جنس المؤثر و إنفعلها بالعرض بأن يسد المسام أو يجمع