و اعلم أن من القدماء من أنكر وجودالبرودة و جعلها عدما للحرارة و رد بأنالجمود و التكثيف كالسيلان و الترقيقفعلان وجوديان مقابلان لهما و لا يمكنإسناد الفعل الوجودي إلى العدم و لا إلىالجسمية المشتركة فلا بد من وجود كيفيتينوجوديتين لتكونا مصدرين لهذه الأفعالالأربعة المتقابلة.
و يمكن أن يؤول كلام القدماء بأن وجودالحرارة أقوى من وجود البرودة فوجودالبرودة عادم لشدة الوجود و لذلك فعلالحرارة أشبه بالوجودي من فعل البرودة لأنالسكون و الجمود أشبه بالعدم من الحركة ولأن الحرارة قد تكون جوهرا سماوياكالطبيعة الفائضة من عالم النفوس علىأبدان فتفعل أفعالا غريبة مخالفة لفعل هذهالحرارات العرضية
ربما يتوهم أن إطلاق الحرارة على حرارةالنار و على الحرارة الفائضة من الأجرامالكوكبية و على الحار الغريزي الفائض منعالم النفوس و على الحرارة الحادثةبالحركة بحسب اشتراك الاسم و ليس كذلكلأنه لمفهوم واحد و هو الكيفية المحسوسةالتي توجب التلطيف و التصعيد و إن كانتالحرارة مختلفة بالحقيقة و الذي يشك فيهاختلاف المفهوم إنما هو في إطلاق الحارعلى النار و على النيرات السماوية و علىالطبيعة الفاعلة في الأبدان و على الأدويةو الأغذية التي يظهر منها حرارة في بدنالحيوان و هل في كل من الكواكب و الدواءصفة مسماة بالكيفية المحسوسة التي تكون فيالنار أم ذلك توسع و إطلاق الحار على مامنه الحرارة و إن لم يقم فيه المسمىبالحرارة فيه تردد.
و الحق أنه لو ثبت فيما منه الحرارة أنهيفعلها بالذات فهو حار فإن القوى تعرفبأفاعيلها و الأثر من جنس المؤثر و إنفعلها بالعرض بأن يسد المسام أو يجمع