المفسدة أولى من جلب المنفعة.
يلاحظ عليه، أوّلاً: أنّ الضابطة ليستبتامّة، لأنّ في ترك الواجب أيضاً وجودالمفسدة، و لذلك ربما يُقدّم الواجب علىالحرمة، كإنقاذ النفس المحترمة إذاتوقّفت على التصرّف في مال الغير.
ثانياً: أنّ القاعدة إنّما تجري فيما إذادار الأمر بين ارتكاب المفسدة القطعية وجلب المنفعة القطعية، لا في مثل المقامالذي لم يثبت وجود المفسدة، غاية الأمراحتمالها.
وأمّا التخيير بين الفعل و الترك عقلاً،مع التوقف عن الحكم شرعاً، فلأنّه لا مناصعن التخيير، مع عدم دليل على حكم ظاهريّ. ولكنّك عرفت وجود الدليل عليه لصحة جريانالبراءتين.
إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة من جهةإجمال الدليل، كالأمر المردّد بينالإيجاب و التهديد، و مثله ما لو أمربالاحتراز عن أمر مردّد بين فعله و تركه،فالحكم فيه كالحكم في المسألة السابقة.
لو دار الأمر بين الوجوب والحرمة من جهةتعارض الأدلّة، فالحكم هو التخيير شرعاًلإطلاق أدلّته.
روى الحسن بن الجهم، عن الرضا (عليهالسَّلام): قلت: يجيئنا الرجلان و كلاهماثقة بحديثين مختلفين، ولا نعلم أيّهماالحق، قال: «فإذا لم تعلم فموسع عليكبأيّهما أخذت».(1)
1. الوسائل: الجزء 18، الباب 9 من أبواب صفاتالقاضي، الحديث 5.