تاریخ ابن أعثم الکوفی

احمد بن علی اعثم کوفی الکندی‏

جلد 1 -صفحه : 265/ 146
نمايش فراداده

كائد و بغي كل باغ، و أن ينصرنا نصراعزيزا، و أن يفتح الله لنا منه فتحا مبينا،و أن يجعل لنا منه سلطانا نصيرا- و السلامعليك و رحمة الله و بركاته-.

ثم طوى أبو عبيدة الكتاب و ختمه و دفعه إلىالفيج و نهض إلى الروم في خيله و رجله، ونظرت الروم إلى خيل المسلمين و كثرة جمعهمفكأنهم كاعوا عن حربهم يومهم ذلك و رجعالفريقان بعضهم عن بعض.

و مضى الفيج فجعل يسير سيرا عنيفا حتى قدمعلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما دفعإليه الكتاب و قرأه أقبل على الفيج و قال:ويحك! فهل علمت أو بلغك من أمر المسلمينبعد خروجك عنهم؟ فإن أبا عبيدة خبرني فيكتابه هذا أنه نهض إلى القوم حين دفع إليكالكتاب. قال: فقال الفيج: نعم يا أميرالمؤمنين! إني لم أبرح حتى رجع القوم بعضهمعن بعض و لم يكن بينهم قتال، و ذلك أن الرومكاعوا فلم يحاربوهم و رجع المسلمون عنهمإلى معسكرهم. قال: فأنت ما حبسك عندهم و قددفع إليك الكتاب أبو عبيدة و أمرك أن تعجلبه عليّ (1)؟ فقال الفيج: إذا أخبرك يا أميرالمؤمنين! إني انتظرت انصراف المسلمين عنالروم و علمت أنك مسائلي (2) عما سألتني.فقال عمر: ويحك! إني أراك عاقلا فما دينك؟قال: أنا نصراني، فقال عمر: فما يدلك عقلكهذا على أن تسلم للّه رب العالمين و تعبدهو لا تشرك به شيئا؟ قال الفيج: فإني قدأسلمت على يدك يا أمير المؤمنين و أنا أشهدأن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده ورسوله! فقال عمر: الحمد للّه الذي يهديلدينه من يشاء! جئتني كافرا و تنصرف منعندي مسلما، فأحمد الله عز و جل على ماهداك له من دينه.

قال: ثم بره و كساه و أحسن إليه و زوده وكتب معه إلى أبي عبيدة بن الجراح (3): بسمالله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أميرالمؤمنين إلى أبي عبيدة بن الجراح، أمابعد فقد جاءني كتابك تخبرني فيه بنفرالروم إليك و بمنزلتهم

(1) عبارة الأزدي: قال: فأنت، ما جلسك يومئذإلى العشى، ثم تقبل بالكتاب إليّ و قد دفعهإليك أبو عبيدة أول النهار؟

(2) الأزدي: سائلي.

(3) نسخته في فتوح الشام للأزدي ص 127 والوثائق السياسية وثيقة رقم 353/ ج ص 464. وفيهما زيادة.