ثم مما يعلمّ أغلب أفراد النوع الانسانيمنه خوف الموت، ولعلّذة من قبيل الاولىوالباعث الكلّي له أنّ للنفس ارتباطاًخاصّاً واتّحاداً معنويّذاً بالبدن، كماتقدّم، والطبيعة مجبولة على التألّم منالمفارقة بعد حصول الانس والألفة، كما قالالحكيم النظامي:
ولذا ترى حرص الشيوخ والعجائز بالحياةوشوقهم إلى البقاء أكثر من الأحداث، وكذاإلى المقتنيات الحسّية لطول الانسوالعلاقة بها، كما أنها مجبولة علىالتناكر والوحشة مع مشاهدة أمر غريب غيرمعهود لم تأنس به أصلاً.
ولذا إنّ الحسن بن علي عليه السلام لماسئل عن سبب قلقه عند وفاته اعتذر بهولالمطّلع وفراق الأحبّة (1) وأيّ محبّة أشدّوأقوى من الاتّحاد والارتباط الحاصلينللنفس والبدن في مدّذة مديدة من الزمان.
والعمري إنّ إزالته من أصعب ما يمكن أنيكون ولا يتيسّر الا لمن وفّقه الله تعالىللتجرّذد التامّ والفناء المحضوالاستغراق في حبّذ الله وأنسه بحيث يرىبدنه حجاجاً شاغلاً له عن الوصول إلىمطلوبه ومعشوقه ومحبوبه، فيقول:
(1) الكافي: 1/461، كتاب الحجة، باب مولدالحسن بن علي عليه السلام، ح1، ولايخفىاستهجان هذا التعميم لمعنى الأحبّة فيكلام الإمام عليه السلام.