قيامها به بمعنى كونه محلاً لها لما عرفت،بل هو آلة لتصرّفها، فلا يستلزم فسادهفسادها، وهي أيضاً بنفسها لا تقتضيه، إذطروّ العدم على الموجود يكون من ضدّه، ولاضدّ للمجرّدات لكون التضاد في عالم الكونوالفساد وتحقّقها فيه بتوسّط البدن، والافهي بالذات من سنخ المجردات، فغذا لم يقتضذاتها الفساد، ولا ارتباطها بالبدن، فلايكون له موجب آخر.
والآثار الدالّة على بقائها بعد فنائهكثيرة، كقوله تعالى:
«ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل اللهأمواتاً بل أحياء عند ربّهم يرزقون» (1).
«ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتبل أحياء» (2).
وفي الخبر: أرواح الشهداء تسرح في رياضالجنّة (3).
وما دلّ على أنّ أرواح المؤمنين تجتمعويستأنس بعضها ببعض في وادي السلام،وأرواح الكفّار في وادي برهوت (4).
وهذا ممّا رسخت في عقائد فرق المسلمينوالكفّار جميعاً، لابتناء سؤال المغفرةوالصدقات والمنامات وغيرها عليه، فلاتقبل العدم الا بالذات، وعليه يحمل قولهتعالى:
«كلّ شيء هالك الا وجهه» (5).
نقل إنّ أبا يزيد لّما سمع قوله: «كان اللهولم يكن معه شيء» قال: والآن كما كان.
وقال المعلّم الأوّل: المجرّد حقيقة،والحقيقة لاتبيد.
(1) آل عمران: 169. (2) البقرة: 154. (3) راجع مجمع البيان: ج1، ذيل الآية 169 من آلعمران. (4) راجع البحار: 6/268 و287. (5) القصص: 88.