وأظهرها، إذ كلّ موجود فإنّما يستدلّ علىوجوده ببعض صفاته المحسوسة دون بعض وبهنفسه دون الموجودات الأخر بخلافه تعالى،فإنه يدلّ عليه كلّ موجود.
في وجوب الوجود وعلّيته لجميع الأشياء،فأظهر الأشياء في علمنا نفوسنا، ثممحسوساتنا الظاهرة، ثم الباطنة، ثمالمدركات العقليّة وكلّ منها لها مدركواحد وشاهد ودليل على وجوب وجود خالقهاومدبّرها وعلمه وحكمته وقدرته، هذا معقضاء الضرورة بوجود موجود قائم بذاته، أيما يكون صرف الوجود مقوّماً لغيره منالموجودات بأسرها، بحيث لولاه لم يتحقّقمصداق للوجود أصلاً.
«الله نور السماوات والأرض». (1)
أي الظاهر في نفسه المظهر لغيره فمبدأالإدراك هو المدرك وكلّ مدرك فإنّما يدركأوّلاً وجوده وإن لم يشعر به، والظاهربنفسه أظهر من المظهر بغيره بالبديهة، فإنكانت حياة الكاتب ظاهرة عندك مع أنّهلايشهد عليها والا شاهد واحد من حركة يدهفكيف لايكون ظاهراً ما لايتصوّر في عالمالوجود من داخل نفوسنا وخارجها [شيء] الاوهو يشهد على وجوبه وعظمته وجلاله ويناديبلسان حاله بأن لا وجود له بنفسه ولا حركةبذاته، يشهد به تركيب الأعضاء وائتلافالعظام واللحوم والأعصاب ومنابت الشعوروتشبّك (2) الأطراف وسائر أجزائنا الظاهرةوالباطنة.
فكان الحريّ أن يكون معرفته تعالى من أوّلالمعارف وأسبقها إلى الأفهام وأسهلها علىالعقول والأحلام، فما يترائى من خلاف ذلكليس الا من جهة أنّ شدّة ظهوره وشهادة كلّمدرك محسوس ومعقول وحاضر
(1) النور: 35.
(2) في المحجّة البيضاء: (8/52): تشكّل.