1ـ قالت لأم سلمة: اسكبي لي ماءً أغتسل به،فأتت به، فاغتسلت ولبست ثياباً طاهرة،وأمرتها أن تبسط فراشها بوسط الحجرة،فانضجعت على يمينها مستقبلة القبلة،ووضعت يدها اليمنى تحت خدها(6).
2ـ في رواية أخرى: قالت لأسماء: اسكبي ليماءً، واغتسلت به، ثم قالت: ناوليني ثيابيالجدد، فلبستها، ثم قالت: آتيني ببقيةحنوط والدي من موضع كذا وكذا، فضعيه تحترأسي، ثم اخرجي عني وانظريني هنيئة، فإنيأريد أن أناجي ربي عز وجل. قالت أسماء:فخرجت عنها فسمعتها تناجي ربها، فدخلتعليها وهي لا تشعر بي، فرأيتها رافعةيديها إلى السماء وهي تقول: اللهم إنيأسألك بمحمد المصطفى وشوقه إلي، وببعليعلي المرتضى وحزنه عليّ، وبالحسن المجتبىوبكائه عليّ، وبالحسين الشهيد وكآبتهعليّ، وببناتي الفاطميات وتحسرهن عليّ،إنك ترحم وتغفر للعصاة من أمة محمد،وتدخلهم الجنة، إنك أكرم المسؤولين،وأرحم الراحمين(7).
3ـ وقالت: انتظريني هنيهة ثم ادعني، فإنأجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي(ربي).
قال الراوي: فانتظرتها أسماء هنيهة ثمنادتها، فلم تجبها، فنادت: يا بنت محمدالمصطفى، يا بنت أكرم من حملته النساء، يابنت خير من وطئ الحصى، يا بنت من كان من ربهقاب قوسين أو أدنى، فلم تجبها، فكشفتالثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا.فوقعت عليها تقبلها وهي تقول: يا فاطمة إذاقدمت على أبيك رسول الله فأقرئيه عن أسماءبنت عميس السلام. ثم شقت أسماء جيبهاوخرجت، فتلقاها الحسن والحسين عليهماالسلام فقالا: أين أمنا؟ فسكتت، فدخلاالبيت فإذا هي ممتدة، فحركها الحسين عليهالسلام فإذا هي ميتة، فقال: يا أخاه آجركالله في الوالدة. فوقع عليها الحسن عليهالسلام يقبلها مرة ويقول: يا أماه كلمينيقبل أن يفارق روحي بدني. قالت: وأقبلالحسين عليه السلام يقبل رجليها ويقول: ياأماه أنا ابنك الحسين، كلميني قبل أنينصدع قلبي فأموت. قالت لهما أسماء: ياابني رسول الله صلّى الله عليه وآلهانطلقا إلى أبيكما علي عليه السلامفأخبراه بموت أمكما. فخرجا يناديان يامحمداه، يا أحمداه، اليوم جدد لنا موتك إذماتت أمنا، ثم أخبرا علياً عليه السلاموهو في المسجد، فغشي عليه، حتى رش عليهالماء، ثم أفاق وكان عليه السلام يقول: بمنالعزاء يا بنت محمد، كنت بك أتعزى، ففيمالعزاء من بعدك؟ قال المسعودي: ولما قبضتعليها السلام جزع علي عليه السلام جزعاًشديداً، واشتد بكاؤه وظهر أنينه وحنينه،وقال في ذلك:
4ـ قال العلامة المقرم (ره): قالت أم سلمىزوجة أبي رافع: كنت أمرض فاطمة أيامشكاتها، فأصبحت يوماً كأمثل ما رأيتها فيشكواها، فقالت لي: يا أماه اسكبي لي غسلاً،فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثم قالتلي: يا أماه أعطيني ثيابي الجدد، فلبستهاوأمرتني أن أقدم فراشها وسط البيت، ففعلت،فنامت عليه مستقبلة القبلة(11) وقالت: ياأماه إني مقبوضة الآن، فلا يكشفني أحد.
تقول أسماء بنت عميس: لما دخلت فاطمةالبيت انتظرتها هنيئة ثم ناديتها، فلمتجب، فناديت: يا بنت محمد المصطفى، يا بنتأكرم من حملته النساء، يا بنت خير من وطئالحصى، يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أوأدنى، فلم تجب، فدخلت البيت وكشفت الرداءعنها فإذا بها قد قضت نحبها شهيدة، صابرةمظلومة محتسبة ما بين المغرب والعشاء.فوقعت عليها أقبله وأقول: يا فاطمة إذاقدمت على أبيك صلّى الله عليه وآلهفأقرئيه مني السلام. فبينا هي كذلك وإذابالحسن والحسين دخلا الدار وعرفا أنهاميتة، فوقع الحسن يقبلها ويقول: يا أماهكلميني قبل أن تفارق روحي بدني، والحسينيقبل رجلها ويقول: يا أماه أنا ابنكالحسين، كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت.ثم خرجا إلى المسجد وأعلما أباهما بشهادةأمهما، فأقبل أمير المؤمنين إلى المنزلوهو يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟ كنت بكأتعزى، ففيم العزاء من بعدك؟
وقال عليه السلام: اللهم إني راض عن ابنةنبيك صلّى الله عليه وآله اللهم إنها قدأوحشت فآنسها، وهجرت فصلها، وظلمت فاحكملها يا أحكم الحاكمين.
وخرجت أم كلثوم متجللة برداء وهي تصيح: ياأبتاه يا رسول الله الآن حقاً فقدناكفقداً لا لقاء بعده. وكثر الصراخ فيالمدينة على ابنة رسول الله، واجتمع الناسينتظرون خروج الجنازة، فخرج إليهم أبو ذروقال: انصرفوا إن ابنة رسول الله أخرإخراجها هذه العشية.
وأخذ أمير المؤمنين في غسلها، وعللهالإمام الصادق عليه السلام بأنها صديقةفلا يغسلها إلا صديق، كما أن مريم لميغسلها إلا عيسى عليه السلام. وقال عليهالسلام: إن علياً أفاض عليها من الماءثلاثاً وخمساً، وجعل في الخامسة شيئاً منالكافور، وكان يقول: اللهم إنها أمتك،وبنت رسولك، وخيرتك من خلقك، اللهم لقنهاحجتها، وأعظم برهانها، وأعل درجتها،واجمع بينها وبين محمد صلّى الله عليهوآله.
وحنطها من فاضل حنوط رسول الله الذي جاءبه جبرائيل، فقال النبي صلّى الله عليهوآله: يا علي ويا فاطمة هذا حنوط من الجنةدفعه إلي جبرائيل، وهو يقرئكما السلامويقول لكما: اقسماه واعزلا منه لي ولكما،فقالت فاطمة: ثلثه لك، والباقي ينظر فيهعلي عليه السلام. فبكى رسول الله وضمهاإليه وقال: إنك موفقة رشيدة مهدية ملهمة،يا علي قل في الباقي، فقال: نصف منه لها،والنصف لمن ترى يا رسول الله، قال: هو لك.
وكفنها في سبعة أثواب، وقبل أن يعقدالرداء عليها نادى: يا أم كلثوم، يا زينب،يا فضة، يا حسن، يا حسين، هلموا وتزودوا منأمكم الزهراء، فهذا الفراق، واللقاء فيالجنة. فأقبل الحسنان عليهما السلاميقولان: وا حسرتا لا تنطفئ من فقد جدنامحمد المصطفى وأمنا الزهراء، إذا لقيتجدنا فأقرئيه منا السلام وقولي له: إنابقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا. فقالأمير المؤمنين عليه السلام أشهد أنها حنتوأنت ومدت يديها وضمتهما إلى صدرها ملياً،وإذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسنارفعهما عنها، فلقد أبكيا والله ملائكةالسماء. فرفعهما عنها، وعقد الرداء عليها،وصلى عليها، ومعه الحسن والحسين وعقيلوعمار وسلمان والمقداد وأبو ذر، ودفنها فيبيتها.
ولما وضعها في اللحد قال: بسم الله الرحمنالرحيم، بسم الله وبالله، وعلى ملة رسولالله محمد بن عبد الله، سلمتك أيتهاالصديقة إلى من هو أولى بك مني، ورضيت لكبما رضي الله لك. ثم قرأ: (منها خلقناكموفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)(12).
وفي حديث غيرنا: إن أمير المؤمنين لماأنزلها في القبر وسواه عليها، سألهاالملكان من ربك؟ قالت: الله ربي، قالا: ومننبيك؟ قالت: أبي محمد، قالا: ومن إمامك؟قالت: هذا القائم على قبري علي.
ثم إنه عليه السلام سوى في البقيع سبعةقبور، أو أربعين قبراً، ولما عرف الشيوخدفنها، وفي البقيع قبور جدد، أشكل عليهمالأمر فقالوا: هاتوا من نساء المسلمين منينبش هذه القبور لنخرجها ونصلي عليها.فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فخرجمغضباً عليه قباؤه الأصفر الذي يلبسه عندالكريهة، وبيده ذو الفقار، وهو يقسمبالله: لئن حول من القبور حجر ليضعن السيففيهم، فتلقاه عمر ومعه أصحابه فقال له: مالك والله يا أبا الحسن لننبشن قبرها ونصليعليها.
فأخذ أمير المؤمنين بمجامع ثوبه وضرب بهالأرض وقال له: يا ابن السوداء أما حقيفتركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم،وأما قبر فاطمة فو الذي نفسي بيده لئن حولمنه حجر لأسقين الأرض من دمائكم. وجاء أبوبكر وأقسم عليه برسول الله أن يتركه، فخلىعنه، وتفرق الناس(13).
1ـ روي: أن فاطمة عليها السلام توفيت ولهاثمان عشرة سنة وشهرين، وأقامت بعد النبيصلّى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوماًوروي: أربعين يوماً، وتولى غسلها وتكفينهاأمير المؤمنين عليه السلام، وأخرجها ومعهالحسن والحسين في الليل، وصلوا عليها ولميعلم بها أحد(14).
2 ـ فلما توفيت قام أمير المؤمنين عليهالسلام بجميع ما وصته، فغسلها في قميصها،وأعانته على غسلها أسماء بنت عميس(15)، وأمرالحسن والحسين عليهما السلام يدخلانالماء، ولم يحضرها غيره وغير الحسنينوزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنتعميس، وكفنها في سبعة أثواب ثم صلى عليها،وكبر خمساً، ودفنها في جوف الليل، وعفىقبرها، ولم يحضر دفنها والصلاة عليها إلاعلي والحسنان ونفر من بني هاشم وخواص عليعليه السلام(16).
3ـ عن علي عليه السلام قال: خلقت الأرضلسبعة، بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهمينصرون: أبو ذر وسلمان والمقداد وعماروحذيفة وعبد اللـه بن مسعود، ـ قال عليعليه السلام ـ وأنا إمامهم وهم الذينشهدوا الـصلاة على فاطمة عليها السلام(17).
4 ـ ولما ماتت فاطمة عليها السلام قامعليها أمير المؤمنين عليه السلام وقال:(اللهم إني راض عن ابنة نبيك، اللهم إنهاقد أوحشت فآنسها، اللهم إنها قد هجرتفصلها، اللهم إنها قد ظلمت فاحكم لها وأنتخير الحاكمين)(18).
5 ـ فلما جن الليل غسلها علي، ووضعها علىالسرير، وقال للحسن: ادع لي أبا ذر فدعاه،فحملاه إلى المصلى، فصلى عليها، ثم صلىركعتين، ورفع يديه إلى السماء فنادى: هذهبنت نبيك، فاطمة، أخرجتها من الظلمات إلىالنور، فأضاءت الأرض ميلاً في ميل. فلماأرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة منالبقيع: إلي إلي فقد رفع تربتها مني،فنظروا فإذا هي بقبر محفور، فحملوا السريرإليها فدفنوها، فجلس علي على شفير القبرفقال: (يا أرض استودعتك وديعتي، هذه بنترسول الله)، فنودي منها: (يا علي أنا أرفقبها منك، فارجع ولا تهتم) فرجع وانسدالقبر، واستوى بالأرض، فلم يعلم أين كانإلى يوم القيامة(19).
6ـ تاريخ الطبري: إن فاطمة دفنت ليلاً، ولميحضرها إلا العباس وعلي والمقداد والزبير.وفي رواياتنا أنه صلى عليها أمير المؤمنينوالحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبو ذروالمقداد وعمار وبريدة. وفي رواية:والعباس وابنه الفضل. وفي رواية: وحذيفةوابن مسعود(20).
7 ـ فلما وارها وألحدها في لحدها أنشأ بهذهالأبيات، يقول:
أول نعش أحدث في الإسلام نعشها عليهاالسلام
1ـ في حديث: ثم قالت: أوصيك يا ابن عم أنتتخذ لي نعشاً، فقد رأيت الملائكة صورواصورته. فقال لها: صفيه لي، فوصفته، فاتخذهلها. فأول نعش عمل على وجه الأرض ذاك، ومارأى أحد قبله ولا عمل أحد(22).
2ـ عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه السلام قال: سألته عن أول من جعل لهالنعش، قال: فاطمة عليها السلام بنت رسولالله صلّى الله عليه وآله.
3ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أولنعش أحدث في الإسلام نعش فاطمة، إنهااشتكت شكاتها التي قبضت فيها وقال (قالت ـظ) لأسماء: إني نحلت فأذهب لحمي، ألاتجعلين لي شيئاً يسترني؟ فقالت أسماء: إنيإذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً،أفلا أصنع لك مثله؟ فإن أعجبك صنعت لك،قالت: نعم، فدعت بسرير، فأكبته لوجهه، ثمدعت بجرائد فشددته على قوائمه، ثم جللتهثوباً فقالت: هكذا رأيتهم يصنعون، فقالت:اصنعي لي مثله، استريني سترك الله منالنار.
4ـ قال الصادق عليه السلام: أول من جعل لهالنعش فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وآله.
5ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألتهعن أول من جعل له النعش، فقال: فاطمة عليهاالسلام.
6ـ عن ابن عباس قال: مرضت فاطمة عليهاالسلام مرضاً شديداً، فقالت لأسماء بنتعميس: ألا ترين إلى ما بلغت؟ فلا تحملينيعلى سرير ظاهر، فقالت: لا لعمري، ولكن أصنعنعشاً كما رأيت يصنع بالحبشة. قالت:فأرينيه، فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعت منالأسواق، ثم جعلت على السرير نعشاً، وهوأول ما كان النعش، فتبسمت، وما رأيتهامبتسمة إلا يومئذ، ثم حملناها فدفناهاليلاً.
7ـ عن أسماء بنت عميس: إن فاطمة عليهاالسلام قلت لها: إني قد استقبحت ما يصنعبالنساء، إنه يطرح على المرأة الثوبفيصفها لمن رأى، فقالت: يا بنت رسول اللهأنا أصنع لك شيئاً رأيته بأرض الحبشة،قالت: فدعوت بجريدة رطبة فحبستها(23)، ثمطرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: ما أحسنهذا وأجمله! لا تعرف به المرأة من الرجل،فإذا مت فاغسليني أنت ـ إلى أن قال ـ فلماماتت عليها السلام غسلها علي وأسماء(24).
قال محشي البحار: قد كثر في هذا الباب ذكرأسماء بنت عميس وأن فاطمة عليها السلامأوصت إليها بكذا وكذا. لكنه ينافي ما هوالثابت في التاريخ من أنها كانت زوجة جعفربن أبي طالب، ثم بعد شهادته تزوجها أبي بكربن أبي قحافة، وبعد وفاته ـ في سنة ثلاثوعشرة من الهجرة بعد رحلة النبي صلّى اللهعليه وآله بأزيد من سنتين ـ تزوجها علي بنأبي طالب، فكانت عنده مع ابنها محمد بن أبيبكر. فإما أن يكون وفاة فاطمة عليها السلامبعد هذه السنة ولم يقل به أحد، أو كان(أسماء بنت عميس) مصحفاً عن (سلمى) امرأةأبي رافع كما مر عن (أمالي الطوسي) ص172،ويجيء في غيره من المصادر، أو سلمى امرأةحمزة بن عبد المطلب وهي أخت أسماء بنت عميسكما احتمله الإربلي في (كشف الغمة) وقد مرص136، وإما أن يكون مصحفاً عن (أسماء بنتيزيد بن السكن) كما مر في ص132 عن الكنجيالشافعي، وهو الأشبه(25).
أقول: ويؤيده ما في (الإصابة) بترجمة فاطمةالزهراء عليها السلام: نقل أبو عمر في قصةوفاتها أن فاطمة أوصت علياً أن يغسلها هووأسماء بنت عميس. واستبعده ابن فتحون فإنأسماء كانـت حينئذ زوج أبـي بكر (إلى أنقال) وهو محل الاستبعاد(26).
1 ـ روي أنه لما صار بها إلى القبر المباركخرجت يد فتناولتها وانصرف(27).
2ـ في حديث: فلما قضت نحبها صلى الله عليهاوهم في ذلك في جوف الليل، أخذ علي عليهالسلام في جهازها من ساعته كما أوصته،فلما فرغ من جهازها أخرج علي الجنازةوأشعل النار في جريد النخل، ومشى معالجنازة بالنار حتى صلى عليها ودفنهاليلاً(28).
3ـ وذكر الحاكم: أن فاطمة لما ماتت أنشأعلي عليه السلام:
4 ـ فلما نفض يده من تراب القبر هاج بهالحزن، فأرسل دموعه على خديه وحول وجههإلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وآلهفقال: السلام عليك يا رسول الله ـ الخ(30).
ومن وصيتها له: إذا أنزلها في القبر وسوىالتراب عليها يجلس عند رأسها قبالة وجهها،ويكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فإنهاساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء(31).
1 ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أباالحسن عليه السلام عن قبر فاطمة، فقال:دفنت في بيتها، فلما زادت بنو أمية فيالمسجد صارت في المسجد(32).
2 ـ قال أبو جعفر الطوسي (ره): الأصوب أنهامدفونة في دارها أو في الروضة، يؤيد قولهقول النبي صلّى الله عليه وآله: (بين قبريومنبري روضة من رياض الجنة). وفي البخاري:(بين بيتي ومنبري). وفي (الموطأ) و(الحلية)والترمذي و(مسند) أحمد بن حنبل: (ما بينبيتي ومنبري). وقال صلّى الله عليه وآله:(منبري على ترعة من ترع الجنة)(33).
3 ـ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضاعليه السلام قال: سألته عن فاطمة بنت رسولالله صلّى الله عليه وآله أي مكان دفنت؟فقال: سأل رجل جعفراً عليه السلام عن هذهالمسألة وعيسى بن موسى حاضر، فقال له عيسى:دفنت في البقيع، فقال الرجل: ما تقول؟فقال: قد قال لك فقلت له: أصلحك الله ما أناوعيسى بن موسى؟ أخبرني عن آبائك، فقالالإمام عليه السلام: دفنت في بيتها(34).
4 ـ قال العلامة المجلسي (ره): إن الأصحأنها مدفونة في بيتها(35).
يستفاد من الأخبار وأقوال المؤرخين أنبيت فاطمة الزهراء سلام الله عليها كانملاصقاً وملازماً بالحجرة المخصوصةالنبوي صلّى الله عليه وآله التي جعلهاصلّى الله عليه وآله مخصوصة للتهجدوالاعتكاف والعبادة. قال العلامةالسموهدي الشافعي في الفصل الذي ينقلويذكر فيه ما جاء في أساطين المسجد النبويصلّى الله عليه وآله: ومنها أسطوانالتهجد، أسند يحيى، عن عيسى بن عبد الله،عن أبيه قال: كان رسول الله صلّى الله عليهوآله يخرج حصيراً كل ليلة إذا انكفتالناس، فيطرح وراء بيت علي عليه السلام،ثم يصلي صلاة الليل...
قال عيسى: وحدثني سعيد بن عبد الله بن فضيلقال: مر بي محمد ابن الحنفية وأنا أصليإليها، فقال لي: أراك تلزم هذه الأسطوانة،هل جاءك فيها أثر؟ قلت: لا، قال: فالزمهافإنها كانت مصلى رسول الله صلّى الله عليهوآله من الليل.
عن زيد بن ثابت: إن رسول الله صلّى اللهعليه وآله اتخذ حجرة ـ قال حسبت أنه قال منحصيرـ في رمضان، فصلى فيها ليالي.
وقال المطري في بيان موضع هذه الأسطوانة:هي خلف بيت فاطمة رضي الله عنها، والواقفإليها يكون باب جبريل عليه السلام(36).
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري في حديثطويل: وكان بيتها سلام الله عليها ملاصقبيت رسول الله صلّى الله عليه وآله الذيينفرد به لنفسه من أزواجه(37).
أقول: إن هذا الحديث يدل على أن بيته الذياختصه صلّى الله عليه وآله لنفسه لاصقببيت فاطمة سلام الله عليها، وهو البيتالذي يعبد الله فيه ويتضرع إليه تعالى،وفي هذه الملازمة والملاصقة أسرار ومصالحوحكم لمن تدبر فيها. وإن هذا البيت الشريفكان قائماً إلى زمن الوليد بن عبد الملكحتى قدم من الشام إلى المدينة فأمر بهدمه.
وقال السمهودي في الفصل السادس عشر من(وفاء الوفاء): قال ابن زبالة: حدثني عبدالعزيز بن محمد، عن بعض أهل العلم قال: قدمالوليد بن عبد الملك حاجاً، فبينا هو يخطبالناس على منبر رسول الله صلّى الله عليهوآله إذ حانت منه التفاتة، فإذا بحسن بنحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام في بيتفاطمة، في يده مرآة ينظر فيها، فلما نزلأرسل إلى عمر بن عبد العزيز (وهو عاملهبالمدينة) فقال: لا أرى هذا قد بقي بعد.
عن موسى بن جعفر بن أبي كثير قال: بينماالوليد يخطب على المنبر إذ انكشفت الكلة(38)عن بيت فاطمة عليها السلام وإذا حسن بن حسنيسرح لحيته وهو يخطب على المنبر، فلما نزلأمر بهدم بيت فاطمة رضي الله عنها. إن حسنبن حسن وفاطمة بنت الحسين أبوا أن يخرجوامنه، فأرسل إليهم الوليد بن عبد الملك: إنلم تخرجوا هدمته عليكم. فأبوا أن يخرجوا،فأمر بهدمه عليهم وهما فيه وولدهما، فنزعأساس البيت وهم فيه، فلما نزع أساس البيتقالوا لهم: إن لم تخرجوا قوضناه عليكم،فخرجوا منه...
قال (الوليد بن عبد الملك): ويحك (لرجل منأمنائه) فما أصنع؟ هو بيته (حسن بن حسن)وبيت أمه فما الحيلة في ذلك؟ قال: تزيد فيالمسجد، وتدخل هذا البيت فيه(39).
روي ما حاصله: إن بيت فاطمة الزهراء لماأخرجوا منه فاطمة بنت حسين وزوجها حسن بنحسن وهدموا البيت، بعث حسن بن حسن ابنهجعفراً ـ وكان أسن ولده ـ فقال له: اذهب ولاتبرحن حتى يبنوا، فتنظر الحجر الذي منصفته كذا وكذا هل يدخلونه في بنيانهم؟ فلميزل يرصدهم حتى رفعوا الأساس وأخرجواالحجر، فجاء جعفر إلى أبيه فأخبره، فخرساجداً وقال: ذلك حجر كان النبي صلّى اللهعليه وآله يصلي إليه إذا دخل إلى فاطمة، أوكانت فاطمة تصلي إليه.
وقال علي بن موسى الرضا عليهما السلام:ولدت فاطمة الحسن والحسين على ذلك الحجر.قال يحيى: ورأيت الحسين بن عبد الله بن عبدالله بن الحسين ـ ولم أر فينا رجلاً أفضلمنه ـ إذا اشتكى شيئاً من جسده كشف الحصىعن الحجر، فيمسح به ذلك الموضع. ولم يزلذلك الحجر نراه حتى عمر الصانع المسجدفقدناه(40).
قال عليه السلام عند رحلتها عليها السلام:
وقال مخاطباً لها بعد وفاتها عليهاالسلام:
وقال عليه السلام مجيباً لنفسه من قبلهاعليه السلام:
بيان: الجنادل: الأحجار. والترب: الموافقفي السن. وفي شرح الديوان: روي أن الأبياتالأخيرة سمعت من هاتف(41).
(1). دلائل الإمامة، للطبري، ص45.
(2). بيت الأحزان: ص160. والنكز: الدفعوالضرب، والطعن بطرف سنان الرمح.
(3). ملتقى البحرين: ص81، (الجنة العاصمة) ص251.
(4). ملتقى البحرين: ص81، (الجنة العاصمة) ص251.
(5). المصدر، ص81.
(6). وفاة فاطمة الزهراء، للعلامة البلاديالبحراني، ص77 ـ78.
(7). وفاة فاطمة الزهراء، للعلامة البلاديالبحراني، ص77 ـ78.
(8). دون الفراق ـ خ ل.
(9). فاطمة بعد أحمد ـ خ ل.
(10). بيت الأحزان: ص150 ـ152.
(11). ثم توسدت يدها اليمنى واستقبلت القبلة(البحار، 43/188) وجعلت يدها تحت نحرها وقالت:إني مقبوضة (تذكرة الخواص 318). ووضعت يدهااليمنى تحت خدها (وفاة الزهراء للبلادي 79).
(12). طه، 55.
(13). وفاة الصديقة الزهراء عليها السلام:ص106 ـ110.
(14). عوالم المعارف: ج11، ص292.
(15). في تذكرة الخواص: ص319: إن علياً غسلها،وأسماء تصب عليها.
(16). المجالس السنية: ج2، ص122.
(17). الخصال: ص360 و588.
(18). الخصال: ص360 و588.
(19). البحار: ج43، ص215.
(20). المصدر، ص183 و180.
(21). المصدر، ص183 و180.
(22). البحار: ج43، ص192.
(23). في البحار: فحسنتها.
(24). وسائل الشيعة: ج2، ص876 ـ877، الباب 52 منأبواب الدفن.
(25). هامش البحار: ج43، ص181 ـ182.
(26). الإصابة: ج4، ص378.
(27). البحار: ج43، ص184 و204 و213.
(28). البحار: ج43، ص184 و204 و213.
(29). البحار: ج43، ص184 و204 و213.
(30). راجع الكلام، ص551 ـ552.
(31). وفاة الصديقة الزهراء عليها السلام،للعلامة المقرم، ص105، عن (كشف اللثام)للفاضل الهندي عند قول العلامة (ره): يكرهالمقام عند القبور، رواه عن الصادق عليهالسلام.
(32). المناقب، لابن شهر آشوب، ج3،ن ص365.والترعة: الباب، الروضة.
(33). المناقب، لابن شهر آشوب، ج3،ن ص365.والترعة: الباب، الروضة.
(34). قرب الإسناد: ص161، الطبع الحجري.
(35). البحار: ج43، ص188، وج100، ص193.
(36). وفاء الوفاء: ج2، ص450 ـ452.
(37). البحار: ج43، ص56.
(38). الكلة: غشاء رقيق من الثوب يتوقى به منالبعوض.
(39). وفاء الوفاء: ج2، ص513 ـ514.
(40). المصدر، ص572.
(41). البحار: ج43، ص217.