ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء مانقل عنه، ولا لقي أحد منهم من أهل الآثارونقلة الأخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلواعن أبي عبدالله (عليه السلام). وكان له(عليه السلام) من الدلائل الواضحة فيإمامته ما بهرت العقول والقلوب، وأخرستالمخالف عن الطعن فيها بالشبهات. وكان(عليه السلام) يجلس للعامة والخاصة،ويأتيه الناس من الأقطار، ويسألونه عنالحلال والحرام، وعن تأويل القرآن، وفصلالخطاب، فلا يخرج أحد منهم إلاّ راضياًبالجواب، ونقل عنه من العلوم ما لم ينقل عنأحد.
وروي عنه (عليه السلام) أنّه قال: إنّيأتكلم على سبعين وجهاً لي من كلّها المخرج.
ودخل عليه سفيان الثوري يوماً فسمع منهكلاما أعجبه، فقال: هذا والله يابن رسولالله الجوهر. فقال له: بل هذا خير منالجوهر، وهل الجوهر إلاّ حجر.
وقد سئل أبو حنيفة: من أفقه من رأيت؟ قال:جعفر بن محمّد (عليه السلام).
قال أبو حنيفة: لمّا أقدم المنصور أباعبدالله الصادق (عليه السلام) إلى بغداد،بعث إليّ المنصور يقول: يا أبا حنيفة! إنّالناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد، فهيّأ لهمن مسائلك الشداد، فهيّأت له أربعينمسألة، ثمّ بعث إليّ أبي جعفر وهوبالحيرة، فأتيته، فدخلت عليه وجعفر (عليهالسلام) جالس عن يمينه، فلمّا بصرت بهدخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبيجعفر المنصور، فسلّمت عليه، فأومى إليّفجلست. ثمّ التفت إليه وقال: يا أباعبدالله! هذا أبو حنيفة. قال (عليه السلام):نعم أعرفه. ثمّ التفت إليّ فقال: يا أباحنيفة! ألق على أبي عبدالله من مسائلك،فجعلت ألقي عليه، فيجيبني جميعاً، حتىأتيت على الأربعين مسألة، فما أخلّ منهابشيء.
في الأنوار البهية عن كنز الفوائد: إنّأبا جعفر المنصور خرج في يوم الجمعة متوكأعلى يد الصادق جعفر بن محمّد (عليهالسلام)، فقال رجل يقال له رزام مولى خالدبن عبدالله: من هذا الذي بلغ من خطره مايعتمد أميرالمؤمنين على يده؟ فقيل له: هذاأبو عبدالله جعفر بن محمّد الصادق (عليهماالسلام). فقال: إنّي والله ما علمت ولاعرفته،