تفسيره القيم عند بيان قوله تعالى وَ مَنْيَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَإِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ حيث قال ره. ومن هذه الآية يستفاد معنى ما ورد في الحديثان العقل ما عبد به الرحمن انتهى «1».
و أنت إذا شاهدت اليوم ما ابتليت بهالكعبة المعظمة من استيلاء الطغاة عليهالاستبان لك معنى قول مولى الموحدين على بنأبي طالب (ع) في كتابه إلى مالك.
ان هذا الدين كان أسيرا في أيدي الأشراريعمل فيه بالهوى و يطلب به الدنيا (نهجالبلاغة) فعلى الشعوب الإسلامية ان يحققواما حققه إبراهيم و يطلبوا ما أبطله و ذلكانما يتجلى بالحج و العمرة على ما يرضاهإله و رسوله و على ما حج و لبى خاتم النبيينحيث قال: خذوا عنى مناسككم، و هو (صلّى اللهعليه وآله وسلّم) أخذ مناسكه من جبرئيلحسبما تقدم.
قد تبين في ثنايا الصلات المارة إن للكعبةحرمة تختص بها و عزة لا توجد في غيرها منالبقاع و الأبنية و ليكن يلزم الفحص عنمنشأ حرمتها و عزتها هل هي بما أنها كعبة وبيت خاص في مكان مخصوص حرام و عزيز أو ذلكبما انها مثال للحق و مجلي لظهوره و وعاءللوعى و مهبط للوحى و غير ذلك بما يحيىالحق و يموت الباطل؟ و الحاصل هل حرمتهالذاتها أو لظهور الحق منها؟.
و ليعلم ان مما قام البرهان العقلي عليههو لزوم انتهاء ما بالعرض الى ما بالذاتدفعا للتسلسل و صونا عن الدور و من ذلك مايشاهد في القرآن الكريم انه و ان ينطق بانالعزة لله و لرسوله و للمؤمنين و لكن يهتفبان عزة غير الله تعالى ينتهي إلى عزته حيثيقول العزة لله تعالى و هكذا في القوة حيثينطق بقوله تعالى خُذُوا ما آتَيْناكُمْبِقُوَّةٍ و بقوله يا يَحْيى خُذِالْكِتابَ بِقُوَّةٍ و بقوله وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْقُوَّةٍ و بقوله إِنِّي عَلَيْهِ
(1) الميزان ج 1 ص 303.