مأساة الزهراء، شبهات... و ردود

السید جعفر مرتضی العاملی

جلد 1 -صفحه : 362/ 168
نمايش فراداده

».

فالمفيد هنا لا يريد ان ينسب حديث اسقاط المحسن الى جميع الشيعة بالمعنى الأعم، بل الى خصوص الامامية منهم. و لعله رحمه الله اختار التعبير بكلمة «الطائفة» بعد ذلك، ليشير الى ان طائفة من الشيعة تروى ذلك، و ليس كل الطوائف التى يطلق عليها اسم شيعة.

و الملفت انه رحمه الله لم يقل: «ان بعض الشيعة يروى حديثا» بل قال: «و فى الشيعة من يذكر: ان فاطمة صلوات الله عليها اسقطت بعد النبى الخ..» فلم يشر رحمه الله الى حديث واحد أو أكثر، و لا أشار الى حجم القائلين بذلك من الشيعة من حيث القلة و الكثرة.

بل أشار هل انهم يصح وصفهم بكلمة «طائفة» حين قال: «فعلى قول هذه الطائفة الخ..»

و قد لقب الشيخ الطوسى رحمه الله «بشيخ الطائفة»، و المقصود هو طائفة الامامية، لا مطلق الشيعة.

و ثانيا: لقد كان عصر المفيد رحمه الله بالغ الحساسية و من أصعب العصور فى تاريخ شيعة أهل البيت (ع)، حيث كانت الفتن تتجدد فى كل عام فى يوم الغدير، و فى خصوص مناسبة عاشوراء، حيث كانت الشيعة تقيم ذكريات لا يصبر عليها خصومهم من حنابلة بغداد المتشددين و المتعصبين فيها جمونهم، و تكون المصائب

و النكبات، و البلايا و المذابح الخطيرة، حسبما أو ضحناه فى كتابنا «صراع الحرية فى عصر المفيد» الفضل الاول، و قد أحرقوا فى بعض السنين بيوت الشيعة فى الكرخ، فمات بسبب ذلك ثمانية عشر ألف انسان، و عند ابن خلدون: غشرون ألفا بين طفل و شاب و امرأة.

فكان رحمه الله يريد أن يتعامل مع الأمور بمنتهى الحكمة و الدقة. و كان كتابه «الارشاد» الذى ألفه فى أواخر حياته، قد راعى فيه ان يكون كتاب تاريخ يتوخى فيه بالاضافة الى الدقة و الأمانة العلمية، ان يكون مقبولا لدى الكافة، و يمكن للجميع ان يستفيدوا منه، و لم يرد له أن يتخذ صفة غير صفة تحديد الحدث بتفاصيله، بعيدا عن المذهبيات، بل هو يتجاوز الحدود و التعصبات المذهبية ليكون كتابا للناس جميعا.

فلأجل ذلك لم يذكر فيه الامور المثيرة و الحساسة بصورة ملفتة للنظر، حتى انه لم يذكر شيئا عن تفاصيل حادثة السقيفة، و كل ما يرتبط بشأن البيعة لأبى بكر

راجع كتاب الارشاد: ج 1 ص 189 (طبع مؤسسة آل البيت «ع»).