فهذه الرواية تدل على مدى جرأتهم عليه صلوات الله و سلامه عليه.
رابعا: انه لا شك فى أن أحدا منا لا يقبل بأن تهاجم زوجته أو أمه، أو أخته، و هو قاعد فى البيت يقول: لا حول و لا قوة الا بالله..
و لو فعل ذلك لقال الناس عنه: انه جبان قطعا، و لقلنا نحن عنه ذلك ايضا.
ولكن اذا كان المهاجمون يريدون استدراجنا لمعركة، أو اثارة أحاسيسنا، لكى نتشنج، و نتصرف بردة الفعل، و من دون وعى لنتائج
تصرفاتنا؛ فان الكل سوف يلومنا اذا استجبنا لاستدراج هؤلاء المهاجمين، و حققنا لهم اهدافهم.
و المهاجمون كانوا يريدون ذلك من على عليه السلام، و لو أن عليا استجاب لهم، لضاعت فرصة معرفة الحق، و لأمكنهم أن يمتلكوا كل الاسهم الرابحة و كل امكانات التشويه، و التزييف للحقيقة، كما سنوضحه انشاءالله تعالى.
فبطولة على (ع) هنا هى بصبره على الأذى، و عدم استجابته للاستفزاز الذى ما رسوه ضده، فعلى (ع) هو الذى يضحى بكل شى ء فى سبيل حفظ هذا الدين، و يعتبر أن هذه هى مسؤوليته و واجبه الشرعى، و لم يكن ليفرط فى دينه فى سبيل أى شى ء آخر.
خامسا: و لنفرض جدلا صحة ما يقوله هذا البعض من أن القوم كانوا يحترمون الزهراء (ع) و يقدرونها، فلماذا لا يفترض ايضا أن يكون الهدف من اجابة الزهراء (ع) لهم على الباب هو الاستفادة من مكانتها و موقعها لدفعهم بأسهل الطرق و أيسرها؟! و هل ترى أن مكانتها و احترامها دفع عنها هجوم القوم و أذاهم؟!
و يقول البعض:
اذا كانت الزهراء (ع) مخدرة، فكيف تبادر هى لفتح الباب؛ فان التى لا ترى الرجال و لا تقابل أحدا، لا تفعل ذلك..
و الجواب:
أولا: هل المخدرة لا يحق لها أن تدافع عن نفسها، لو هوجمت، أو عن ولدها و زوجها، أو عن شرفها، أو دينها، و رسالتها؟!
ثانيا: ألم تكن زينب ايضا مخدرة؟ فلماذا أخرجها الامام السحين (ع) معه الى كربلاء لتواجه السبى، و المصائب، و تواجه الرجال، و تخطب فى الكوفة، و فى الشام أمام طواغيب و جبابرة الارض فى زمانها؟!
ثالثا: هل خدرها يمنعها من الاجابة من خلف الباب، أم أن اجابتها هذه سوف تكشفها للناس، ليروا ما لا يجوز لهم رويته منها؟!
رابعا: اذا كانت قد اجابتهم من خلف الباب، فلا يعنى ذلك أنها قد قابلتهم وجها لوجه، فاذا كسروا الباب، و لاذت خلفه رعاية للستر و الحجاب، و عصروها بين الباب و الحائط، فهل تكون هى المسؤولة عن ذلك؟!
و يؤيد ذلك أنه قد جاء فى بعض النصوص: أنها عليهاالسلام قد مدت يديها من خلف الباب، فضربوا كفيها بالسوط
البحار: ج 30 ص 293- 295.