( 53)
فخرجَ كَثيرُبنُ شِهابٍ يُخذِّلُ (1) النّاسَ عنِ ابنِ عقيلٍ ، وخرجَ محمّدُ ابنُ الأشعثِ حتّى وقفَ عندَ دُورِ بني عُمارةَ، فبعثَ ابنُ عقيلٍ إِلى محمّدِ ابن الأشعثِ منَ المسجدِ عبدَ الرّحمن بن شريحٍ الشِّباميّ ، فلمّا رأَى ابنُ الأشعثِ كثرةَ من أَتاه تأَخّرَ عن مكانِه ، جعلَ محمّدُ بنُ الأشعثِ وكثِيرُبنُ شِهابِ والقَعْقَاعُ بنُ شَوْر الذُّهليّ وشَبَثُ بنُ رِبعيٍ يَرُدُّونَ النّاسَ عنِ اللحوقِ بمسلمٍ ويخوِّفونَهمُ السُّلطانَ ، حتّى اجتمعَ اليهم عددٌ كثيرٌ من قومِهم وغيرهم ، فصاروا إِلى ابنِ زيادٍ من قِبَلِ دارِ الرُّومييّنَ ودخلَ القوم معَهم ، فقالَ له كَثِيرُبنُ شهابٍ : اصلح اللهُّ الأَميرَ، معَكَ في القصرِ ناسٌ كثيرٌ من أشرافِ النّاسِ ومن شُرَطِكَ واهلِ بيتِكَ ومَواليكَ ، فاخرُجْ بنا إِليهم ، فأبى عُبيدُاللّهِ ؟ وعقدَ لشَبَث بن رِبْعيٍّ لواءً فأَخرجَه .
وأقامَ النّاس معَ ابنِ عقيلٍ يَكثرونَ حتّى المساءِ وأَمرُهم شديدٌ ، فبعثَ عُبيدُاللهِّ إِلى الأَشرافِ فجمعَهم ، ثمّ أَشرفوا على النّاسِ فَمَنَّوا أَهلَ الطّاعةِ الزِّيادةَ والكرامةَ ، وخَوَّفوا أهلَ العصيانِ (2) الحرمانَ والعقوبةَ ، وأَعلَموهم وصولَ (3) الجندِ منَ الشّام إِليهم . وتكلّمَ كَثِيرٌ حتّى كادتِ الشّمسُ ان تَجبَ ، فقالَ : أيُّها النّاسَُ الحقوا بأهاليكم ولا تَعَجَّلوا الشّرَّ، ولا تُعَرِّضواَ أنفسَكم للقتل ، فإِنَّ هذه جنودُ أميرِ المؤمنينَ يزيدَ قد أقبلتْ ، وقد أعطى اللهَّ الأميرُ عهدا ً: لئن تَمَّمْتًم على حربه ولم تَنصرِفوا من عشيّتِكم (أن يَحْرِم) (4) ذُرِّيَّتَكم العطاءَ، ويُفرِّقَ مُقاتِلتًكم في مَغازي الشّامِ ، وأن يأخذَ البريءَ بالسّقيمِ والشّاهدَ بالغائبِ ، حتّى لا
(1) في النسخ : فخذّل ، وما في المتن من هامش "ش " و "م ".
(2) في " م " وهامش " ش " : المعصية .
(3) في "م " وهامش " ش " : فصول .
(4) في هامش "ش ": ليحرمن .