وذكرت الاَخبار أن المأمون خرج يوماً في نزهة للصيد ، فاجتاز بطرق البلد . ولعلّه كان قاصداً لاختيار هذا الطريق ، فقد علم قبل ذلك أين نزل الوافدون . . وعلم أيضاً من هم ؟ !
وهكذا كان . . فقد تم ( اللقاء الاَول ) في الطريق على ما ينقله المؤرخون ، ويمكن أن يكون الاِمام الجواد عليه السلام هو الذي سعى لاَن يلتقيه المأمون في هذا المكان .
فلسان الرواية يقول : اجتاز ـ المأمون ـ بطرف البلد ، وثمّ صبيان يلعبون ، ومحمد الجواد عليه السلام واقف عندهم . .
فالاِمام عليه السلام ليس من شأنه الوقوف على قارعة الطريق أو التفرج على ملاعب الصبيان لقضاء الوقت ، ولا عُرف عن الاَئمة أنهم كانوا يلعبون ويلهون في الطرقات مع أقرانهم في أيام طفولتهم ، فهم أجلّ وأسمى من أن يصرفوا أوقاتهم في اللعب أو اللهو؛ لاَنّ الاِمام عليه السلام متعين عليه هداية الاُمّة وبنائها فكرياً واجتماعياً ، وقيادتها نحو إرساء قواعد الشريعة بما يحقق حكومة الله في الاَرض .
فالاِمام عليه السلام لا يلهو ولا يلعب (1)
قط منذ طفولته ، فقد روي عن علي بن حسان الواسطي أنّه كان ممن خرج مع الجماعة (2) ، وهم ثمانون عالماً
1) وردت أحاديث كثيرة في هذا الشأن منها ، ما رواه الكليني بسنده عن الاِمام الباقر عليه السلام في معرض بيانه علائم الاِمام المعصوم فقال : « طهارة الولادة ، وحسن المنشأ ، ولا يلهو ولا يلعب » . وروى صفوان الجمّال عن الاِمام الصادق عليه السلام في صفات الاِمام ، فقال عليه السلام : « صاحب هذا الاَمر لا يلهو ولا يلعب » . وما تعرّض له أمير المؤمنين علي عليه السلام من خصائص وعلامات الاِمام المعصوم ، فقال : « والإمام المستحق للاِمامة له علامات فمنها : أن يعلم أنّه معصوم من الذنوب كلّها صغيرها وكبيرها ، لا يزلّ في الفتيا ، ولا يخطئ في الجواب ، ولا يسهو ، ولا ينسى ، ولا يلهو بشيء من أمر الدنيا » . راجع : مناقب آل أبي طالب 4 : 317 . وبحار الاَنوار 25 : 164 . 2) إثبات الوصية : 188 . ودلائل الاِمامة : 402 | 360 .