امام محمد الجواد (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
(49)بين يدي أبي جعفر عليه السلام ، فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار ، وجعل يضرب بعوده ويغني ، فلما فعل ساعة وإذا أبوجعفر لايلتفت إليه لا يميناً ولا شمالاً ، ثم رفع رأسه وقال : « اتقِ الله ياذا العثنون ! » ، قال : فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيديه إلى أن مات ، قال : فسأله المأمون عن حاله ، قال : لمّا صاح بي أبو جعفر ، فزعت فزعة لا أفيق منها أبداً ) (1) .وعلى كلِّ حال ، فقد أرسل المأمون إلى محمد بن عبدالملك الزيات يوصيه بحمل أبي جعفر من المدينة إلى بغداد على أحسن محمل ، وأن لا يُعجّل بهم السير ، ويريحهم في المنازل . فيكلف ابن الزيات الحسن بن علي بن يقطين؛ لمنزلته ومنزلة أبيه من الاَئمة عليهم السلام والخلفاء والاَمراء معاً .بأن يرافق أبا جعفر وأهله وعياله في سفرهم .ويظعن الرحل مودعاً المدينة المنورة ، متجهاً صوب بغداد . وينسى الخليفة أو يتناسى قدوم الوفد المدني ، فلقد ألهته ليالي الاُنس . . وأيام الصيد ، السؤال عن القادمين من المدينة أو أنّه فعلاً تناسى أمرهم ، وهي عادة الملوك في استصغار من سواهم ، وأراد أن يلتقي بأبي جعفر بشكل غير علني ، إمّا حياءً من البيت الهاشمي لما أحلّه بأبيهم الرضا عليه السلام قبل عهد قريب ، وإمّا أنفة واستعلاءً منه ـ وهو أميرالمؤمنين المسيطر على الآفاق شرقاً وغرباً ـ أن يلتقي بحدث صغير لم يبلغ الحلم . فلم يكن المأمون قد وقف بعد على علم الاِمام الجواد عليه السلام ونبوغه المذهل . أو إنّه لم يكن هذا ولا ذاك ، إنّما أراد أن يستريح القادمون لبضعة أيام من وعثاء السفر ، ثم يستدعي إليه التقي عليه السلام ليتعرّف أخباره .