انحراف الاجتماعی و أسالیب العلاج

زهیر الاعرجی

نسخه متنی -صفحه : 159/ 20
نمايش فراداده

( 22 )

الاجتماعي الا انها لا تخلو من بعض الهفوات ايضاً . فالنظرية تبرر ظاهرة الانحراف المستور . ولكن السارق في البيع والشراء يعد سارقاً بغض النظر عن الصاق التهمة به او عدم الصاقها به . والمحتال في دفع الضريبة يعد محتالاً ان الصقت التهمة به ام لا ، والقاتل الذي لم تكشف جريمته يعتبر قاتلاً في كل الاحوال أالصقت التهمة به ام لم تلصق . ومن مساويء هذه النظرية انها تعطي مبرراً لا ستمرار الانحراف ، فالمنحرف يجد عذراً بالقاء سبب انحرافه على النظام الاجتماعي ولا يقيم لدافعه الذاتي نحو ارتكاب الجريمة ، وزناً . وهذا يتنافى مع الاصول العامة للتجريم الذي يأخذ الدافع الذاتي والنية المسبقة بنظر الاعتبار .

والخلاصة ، ان النظريات الاجتماعية الرأسمالية الاربع المذكور آنفاً تفشل في تفسير ظاهرة الانحراف والتجريم بالصورة الدقيقة الشاملة المستوعبة لكل مفردات الواقع الاجتماعي . فهذه النظريات منفصلة لا تستطيع تفسير جرائم القمار ، وانحراف الاحداث ، وتعاطي المخدرات ، والتحايل في دفع حقوق الفقراء . وكل نظرية من هذه النظريات تنظر للجريمة بشكل تجزيئي محدود ولا تنهض بمستوى النظرة الكلية للمشكلة الانحرافية بحيث تستوعب كل مفردات وتشكيلات الاجرام الفردي والجماعي في المجتمع الانساني .

« الجريمة » في المجتمع الرأسمالي الامريكي

وبطبيعة الحال ، فان النظرية الرأسمالية تعتقد بان الجريمة وهي مخالفة قانونية او انتهاك حرمة يقوم بها الفرد ، يجب ان تخضع لمتغيرين عمليين حتى ينطبق عليها مفهوم الانحراف :

الأول : ان يكون العمل الجرمي عملاً يربك النظام الاجتماعي .

الثاني : ان تفشل السيطرة على الجريمة باستخدام اسلوب المقاطعة الاجتماعية فقط ضد المنحرف . بمعنى آخر ، انه اذا كان الانحراف اكبر من المقاطعة الاجتماعية المجردة ، اصبح ذلك الانحراف عملاًُ جرمياً يستدعي تدخل القانون والدولة لحماية المجني عليه ضد الجاني .

واذا ثبت الجريمة ثبت العقاب الذي تتناسب شدته مع درجة عنفها ووحشيتها . وعلى ضوء درجة عنف الانحراف وتأثيره على الافراد في النظام الاجتماعي ، تقسم النظرية الاجتماعية الجرائم الى اربعة اقسام وهي : جرائم العنف ، وجرائم بدون ضحايا ، وجرائم الممتلكات ، وجرائم الطبقة العليا المسيطرة على النظام الاجتماعي .

وتختلف الجرائم في النظام الاجتماعي الرأسمالي من اقليم لآخر ، الا ان القاسم المشترك والقدر المتعين فيها هو ان الانحراف مرآة لجشع الرأسمالية ونتيجة طبيعية لانعدام العدالة الاجتماعية . ففي نظام جنوب افريقيا مثلاً يعتبر القانون انظمام الطالب ذو البشرة السوداء الى جامعة خاصة بالطلبة البيض جريمة تستحق العقاب . وفي بريطانيا يعتبر النقد اللفظي القريب من الاهانة لرئيس الدولة الرمزي ( الملك او الملكة ) جريمة جنائية ، بينما لا يعتبر