( 9 )
وتنظر نظرية الانتقال الانحرافي الى بعض جوانب الانحراف واسبابه فتعطي تحليلا مسهبا لعمل المنحرفين المناوئين لتوجهات المجتمع الكبير، وتزعم ان التوجه الاجتماعي لهؤلاء يعد انحرافا عن توجه التيار العام ، فمثلاً تعتبر عمل المجموعات السياسية المسلحة بكافة اشكالها انحرافا عن الخط العام للنظام الاجتماعي . وتعتبر عمل منظمات التهريب انحرافا عن الخط الاجتماعي العام ، لان المهربين يخالفون القانون الذي اقر المجتمع الكبير احترامه ومراقبته وتطبيقه على كافة الافراد بكل دقة ودوون استثناء . فتجمع المهربين الصغير منحرف عن المجرى الاجتماعي العام في نظر افراد المجتمع عموما ، على عكس نظرة افراد المجموعة المهربة لبعضها البعض حيث تعتقد ان عملها هذا ليس انحرافا عن الخط الاجتماعي العام . بل ان الانحراف الحقيقي ينبع من النظام الاجتماعي نفسه الذي يساهم في تجريمهم وابعادهم عن الساحة الاجتماعية بما فيها من خيرات وفرص ، ولذلك فهم يستخدمون التهريب في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية لهم ولذويهم . ولهذا السبب نلاحظ ان هؤلاء الافراد لا ينظرون الى عملهم نظرة اجرامية ولا يتصورون ان توجههم الفكري بعيد عن المنحى الاخلاقي السليم . والدليل على ذلك ان اغلب هؤلاء المجرمين يرجعون الى سابق عهدهم في الاجرام عندما يطلق سراحهم من السجون بعد قضائهم مدد عقوباتهم فيها .
ومع ان هذا التحليل يسلط ضوءا على بعض جوانب المشكلة الانحرافية في المجتمع ، الا ان هذه النظرية لا تخلو من نواقص وهفوات.