انحراف الاجتماعی و أسالیب العلاج نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
( 10 )حيث تعجز عن تفسير ظاهرة اجتماعية بارزة تعكس تناقض فكرة الانتقال الانحرافي من الصميم . فالكثير من الصبيان الذين ينشأون في مجتمع اجرامي لا يتعلمون الاجرام من اهلهم واصدقاهم والبيئة التي يعيشون فيها ، ولا تتبلور في نفوسهم الشخصية الاجرامية المناوئة للمجرى الاجتماعي العام ، بل ان الذي يدفعهم للاجرام والانحراف حاجاتهم الاساسية التي لم يشبعها النظام الاجتماعي . فكيف تطبق نظرية الانتقال آراءها على هؤلاء الافراد ؟ ، اضف الى ذلك ان هناك افراداً يعيشون في بيئة شديدة الانحراف ويلتقون بافراد المجموعة المنحرفة بشكل مستمر ، ولكنهم لا ينشأون في حياتهم الاجتماعية نشأة اجرامية . بل ان هناك أفراداً من الطبقة الرأسمالية الغنية ممن لا يرتبطون بأية فئة منحرفة اجتماعياً ، ثم ينشأؤن في حياتهم التطورية نشأة اجرامية ، فكيف تفسر وتحلل نظرية الانتقال ذلك السلوك الاجرامي ؟ علماً بان الانحراف عموما لا يحتاج الى معلم ، فالسارق الجائع يعرف بالغريزة كيف يفعل فعلته ، والقاتل يعرف بالغريزة كيف يقتل ، والغاصب في مجتمع منحل يعرف كيف يتعامل مع ضحيته . وفي كل هذه الجرائم يكون الدافع اهم من الفعل نفسه . ولكن نظرية الانتقال تفشل في تحليل دوافع الانحراف وكشف اسباب نشوء الجريمة ، بل انها تحاول صب جهدها في تفسير وسائل الجريمة كتعلم الطرق الفنية للانحراف وتقليد المنحرفين والاختلاط بهم . وهذا العجز عن تفسير نشوء الجريمة يدل على قصور هذه النظرية وعدم تمييزها بين الانحراف الاقتصادي عن الانحراف الاخلاقي والسياسي .