لا تقتصر النظرية الاسلامية على تحليل اسباب ودوافع الاجرام فحسب ، بل تقدم علاجاً لمشكلة الانحراف في المجتمع الانساني ، يختلف اختلافاً جوهرياً عن العلاجات التي قدمتها النظريات الغربية الاربع التي ذكرناها سابقاً . فنظرية « الانتقال الانحرافي » تفشل في معالجة الانحراف بسبب ايمانها بان الانحراف ليس الا ظاهرة اجتماعية طبيعية يصعب ضبطها والسيطرة عليها . ونظرية « القهر الاجتماعي » تفشل هي الاخرى في معالجة اسباب الانحراف لانها تعزيه الى انعدام العدالة الاجتماعي دون ان تقدم علاجاً واضحاً يضمن من خلاله انشاء مجتمع نظيف ، قائم على اساس احترام الانسان ، واستثمار العلاقات الانسانية بشكل ايجابي في منع الانحراف . ولا شك ان تجاهل هذه النظريات لانحرافات الطبقة الغنية في النظام الاجتماعي يجعهلها أكثر بعداً عن تحليل الواقع الاجتماعي العملي . حتى ان علاقة الرحم والقرابة والمعتقد والانغماس الاجتماعي التي نادت بها نظرية « البضبط الاحتماعي » من اجل ردع الانحراف وضبط المنحرفين لم يؤد ثماره المرجوة ، لقصور النظام الجنائي الرأسمالي وعدم احاطته بدقائق النفس الانسانية . واخيراً فشلت نظرية « الالصاق الاجتماعي » في تفسير ظاهرة الانحراف المستور الذي يتحقق دون الصاق تهمة معينة بالمنحرف .وربما يعزى نجاح النظرية الاسلامية في تحليلها ومعالجتها لظاهرة الانحراف الاجتماعي الى اربعة اسباب رئيسية ، لم تلتفت اليها النظريات الغربية الأربع ، وهي ، الاول : العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي جاء بها