ولا شك ان اسلوب العقوبات في اي نظام قضائي يهدف بالدرجة الاولى اصلاح المنحرفين ، وارجاعهم الى الابحار والانسياب في حركة المجرى الاجتماعي العام ، وتعليمهم احترام القانون الذي وضعه لهم العقلاء في النظام الاجتماعي لحماية الافراد كلياً من آثار الانحراف .وعلى ضوء ذلك فان للنظام الاجتماعي ومؤسساته ، الحق في اتخاذ مختلف التدابير لمعاقبة المنحرفين وردعهم . ولكي تعالج الانحراف ، فان الدولة ونظامها القضائي والقانوني ينبغي ان تلاحظ اموراً في تعاملها مع مشكلة الجريمة منها ، اولاً : فرض القيود على حرية المنحرف عن طريق السجن ، او العلاج الطبي ، او خدمة مؤسسات الادارة المحلية . ثانياً : تعويض الضحية او من يتعلق بها مالياً . ثالثاً : التأهيل الاجتماعي للمنحرف وارجاعه الى المجرى الاجتماعي العام عن طريق التربية والتعليم والتدريب المهني ، بأمل ابعاده في النهاية عن الانحراف . رابعاً : ردع الاخرين عن الانحراف ، عن طريق تأديب المنحرفين وجعلهم عبرة لمن يعتبر .ولا ريب ان العقوبات التي يفرضها النظام الرأسمالي اليوم ، حسب ادعاء النظرية الرأسمالية ، تعتبر اكثر تحضراً من تلك التي فرضها النظام الاجتماعي قبل ظهور الثورة الصناعية ، فقد كان المنحرف يتعرض علنا للاعدام او التعذيب او النفي . اما اليوم ، فان النظام القضائي الرأسمالي يمنح المنحرفين فرصة حقيقية للرجوع الى المنحى العقلائي الذي يقره الافراد في المجتمع الكبير ، ولكن هذا الزعم تدحضه التجربة العملية التي تعيشها