الاستنتاج
ونستخلص من دراسة احكام العقوبات الاسلامية الخاصة بالجرائم المرتكبة ضد النفس الانسانية وما دونها ، جملة من العوامل المهمة التي تدعم عدالة النظام الاجتماعي وتؤدي بالنتيجة الى قطع دابر الانحراف ، ونوردها كما يلي :اولاً : عامل المماثلة في القصاص ، وتكون على مستويين ، الاول : مماثلة شخصية الفاعل بالمفعول به في الحرية والدين والعقل والبلوغ . والثاني : مماثلة الجنية كالقتل والقطع والجرح بالجاني ، اي التقاصي مثلاً بمثل عندما تكون المماثلة ممكنة . وتثبت الدية في كل مورد تتعذر فيه المماثلة والمساواة . وكذلك في الضرب الذي لا يسبب جرحاً ، والرفس واللطم والوكز فلا يتعين القصاص ، بل يتعين الارش . فالاصل ، اذن وجوب المماثلة في القتل والقطع بشروطها المذكورة ما لم يتم التراضي بين الطرفين على الدية . وهو اقرب الى العدالة الاجتماعية من قواعد نظام العقوبات الرأسمالي . ففي حين يعلن الاسلام بكل قوة ، وجوب المماثلة في القصاص ، يقوم النظام الرأسمالي في تشريعه لعقوبة الانحراف ، بفرض القيود على حرية المجرم عن طريقالسجن او العلاج او خدمة مؤسسات الادارة المحلية ، او بتعويض الضحية مالياً . وهذه الاساليب لا تبعد المنحرف عن انحرافه ولا تقدم للضحية مثالاً واقعياً لمعاقبة الجاني ، بل تربك النظام الاجتماعي وتستهلك موارده المالية ، لان السجن والطب النفسي اثبتا فشلهما في علاج المنحرف علاجاً حقيقياً ، كما لاحظنا ذلك سابقاً .