ويلعب المركز الاجتماعي في النظام الرأسمالي دوراً اساسياً في تشخيص المنحرف وتحديد عقوبة انحرافه . فاذا ثبتت الجريمة ضد الجاني من الطبقة الرأسمالية العليا ، فان مركزه الاجتماعي ونشاطه السياسي وعلاقاته مع اقطاب النظام ، تلعب دوراً رئيسياً في تحديد العقوبة الصادرة بحقه ، حيث تستطيع كل هذه العوامل توظيف القانون لصالح الجاني . فالقوانين الرأسمالية المتمثلة بتعليق العقوبة ، وبدائل العلاج وخدمة الادارة المحلية بدل الخدمة في السجن ، والكفالة المالية ، انما وضعت اساسا لمعالجة الجنايات التي يرتكبها الجناة من افراد الطبقة الرأسمالية العليا . فانحراف اصحاب مؤسسات التأمين العملاقة ، وملاك المؤسسات الصحية الكبيرة ، وفحول المؤسسات العسكرية عن الالتزام بالقوانين المتفق عليها ، او تحايلهم في دفع الضرائب ونهبهم اموال المستهلكين ، يجعلهم عرضة للملاحقات القضائية . ولكن تأثير هده المؤسسات الرأسمالية العملاقة على المؤسسة السياسية والقضائية والتشريعية يساهم في الالتفاف حول القانون المدني والجنائي المتفق عليه اجتماعياً . ولما كان التفاوت في شدة العقوبة الجنائية والمدنية واسعاً ، اصبح استرجاع الحق موكولاً لمحامي الدفاع ، والنائب العام ، وهيئة المحلفين ، والقاضي . بمعنى ان القضية الحقوقية خرجت من يد المدعي والمدعى عليه والقاضي ، ودخلت في مناورات محامي الدفاع والنائب العام ، حيث يصبح المال والوجاهة السياسية والمنزلة الاجتماعية محط انظار رجال المحكمة والقضاء ، خلافاً لما تستدعيه العدالة القضائية من تجرد وحياد