ان زعم نظرية الصراع الاجتماعي بان الجريمة نتيجة حتمية لصراع المصالح الاجتماعية لا يمثل الفهم الشامل لمفهوم « الجريمة » في نظام الاجتماعي . فليست جرائم المجتمع الانساني بكافة الوانها واشكالها ناتجة من صراع المصالح الاجتماعية . وليست الجرائم التي يشهدها المجتمع الرأسمالي ، كلياً ناتجة من تحكم الطبقة الرأسمالية . نعم ان مصدر العديد من الجنايات في نظام الرأسمالي الغربي عموماً ، والامريكي خصوصا ، هو ظلم الطبقة الرأسمالية وجشعها ، كما ذكرنا ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب . ولكن الواقع يشهد بان هناك العديد من الجنايات والجرائم التي يرجع ببها الى دوافع ومناشيء اخرى ، غير الصراع الاجتماعي ، ومنها : الاختلافات العائلية ، والاختلالات العقلية ، والدوافع الشهوية المحضة . ومع اننا لا نقلل من قوة حجة نظرية الصراع الاجتماعي في تحليل اسباب نشوء الجريمة ، الا ان مفهومها عن الانحراف لا ينهض الى مستوى الشمول في فهم نشوء الجريمة في المجتمع الانساني . ولو كانت نظرية الصراع الاجتماعي دقيقة في تحليلها لتمثل لنا اختفاء الجريمة والانحراف من المجتمع الشيوعي اختفاءا تاماً . ولكن هذا التحليل يكذبه الواقع العملي ، فمناهضة النظام السياسي في المجتمع الماركسي يعتبر انحرافاً يستحق مرتكبه اقصى العقوبات ، والغصب يعتبر انحرافا يعاقب عليه القانون . فكيف تفسر نظرية الصراع الاجتماعي وجود هذه الانحرافات في مجتع يفرض ان يكون نظيفاً من العناصر الرأسمالية ؟