ويؤمن مصممو هذه النظرية بان الانحراف ظاهرة اجتماعية ناتجة عن القهر والتسلط الاجتماعي الذي يمارسه بعض الافراد تجاه البعض الاخر ، فالفقر مرتع خصب للجريمة ، والفقراء يولدون ضغطاً ضد التركيبة الاجتماعية للنظام ، مما يؤدي الى انحراف الافراد . بمعنى ان الفقر ، باعتباره انعكاساً صارخا لانعدام العدالة الاجتماعية بين الطبقات ، يولد رفضا للقيم والاخلاق الاجتماعية التي يؤمن بها الرعيل الاكبر من افراد النظام الاجتماعي . ولو اختل توازن القيم الاجتماعية ، كا يعتقد ( اميلي ديركهايم ) من رواد هذه النظرية الاوائل ، فان حالة الفوضى والاضطراب ستسود الافراد والمجتمع . ومثال ذلك ، ان التطور الصناعي الذي حدث في البلدان الرأسمالية في القرون الثلاثة الماضية ادى الى اختلال في توازن القيم الاخلاقية والاجتماعية ، الذي ادى بدوره الى شعور الناس بانعدام وضوح منارات الهداية ومعالم الاخلاق . ونتيجة لذلك فقد ضعف وازع السيطرة على سلوك الانسان الرأسمالي خصوصاً على نطاق الشهوة والرغبة الشخصية ، فاصبح الفرد منحلاً متهتكا لا يرى ضرورة لفرض التهذيب الاجتماعي القسري عليه وعلى الافراد المحيطين به .ويدعى زعماء هذه النظرية ايضاً بان الانحراف يعزى الى عدم التوازن بين الهدف الذي يبتغيه الفرد في حياته والوسيلة التي يستخدما لتحقيق ذلك الهدف في النظام الاجتماعي . فاذا كان الفارق بين الاهداف الطموحة والواسائل المشروعة التي يستخدمها الافراد كبيرا ، اصبح