باب الحوائج الإمام موسی الکاظم (علیه السلام)

حسین إبراهیم الحاج حسن

نسخه متنی -صفحه : 169/ 91
نمايش فراداده

عيوب النفس

إن لمختلف أنماط السلوك أثراً في الأشخاص لا يوصف إيجابياً أو سلبياً. ومن عيوب النفس الغرور: إن الغرور وحب التغلّب والارتفاع غالباً ما يمنع الإنسان من أن يدرك حدود نقائصه، ومن أن يقف على حدود قدراته وطاقاته.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (رضا العبد عن نفسه برهان سخافة عقله)315.

وإن الأمر الذي يمنع من نمو استقلالية شخصيته، ويسبب في توقف نموه النفسي، وجموده، هو عدم اطلاعه على ما في وجوده من نقائص ممّا يجعل الإنسان لا يهتم أبداً بسد تلك النقائص وترميمها.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الراخي عن نفسه مستور عنه عيبه، ولو عرف فضل غيره كفاه ما به من النقص والخسران)316.

عن علي بن سويد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: العجب درجات: منها أن يُزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسناً فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعاً. ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمُنَّ على الله عزّ وجلّ ولله المنّة عليه.317

وفي ذلك قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): (العجب يفسد العقل)318.

ونجد كثيراً من أولئك الذين يتلفون طاقاتهم الروحية من دون أن يفيدوا منها في تحسين وضعهم الشخصي والاجتماعي، ومن دون أن يكون لهم أدنى اطلاع عن القوى المخبوءة والطاقات العجيبة في نفوسهم، اللّهم إلا أن تتفق أرضية مساعدة لهم على إبراز استعداداتهم المثمرة، وكم من قدرات مفيدة تذهب هدراً على أثر عدم اطلاع أصحابها عن كيفية ومستوى اقتدارها وحسن استثمارها.

جاء في غرر الحكم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: (من طلب عيباً وجده).

وقال الإمام الكاظم (عليه السلام): (يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، وأكثر الصواب في خلاف الهوى، ومن طال أمله ساء عمله).

وقال الإمام الكاظم (عليه السلام) أيضاً: (من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الأرض، ومن تكبّر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد الله ومن ادعى ما ليس له فهو أغنى لغير رشده).

أما الذين يصابون بالعقد والآلام النفسية، أو يعانون كابوس اليأس والقنوط، هم في الواقع أناس غير مطلعين على استعداداتهم وإمكاناتهم وطاقاتهم الكامنة فيهم، كي يسدوا عوزهم بالإفادة ممّا فيهم من قوى وطاقات، ويستبدلوا ما فيهم من نقص بالكمال، ولذا فمن الضروري لهؤلاء السعي الحثيث لاكتشاف أنفسهم. وقد أكّد العلماء على معرفة النفس ضمن الأمور التي ترتبط منها بالإنسان كذلك في العهد الحاضر يعد تعلم أصول معرفة النفس من أهم المواضيع في علم النفس الطبي، هذا والعصر الحاضر عصر الدراسات العميقة بشأن الطبيعة الإنسانية وعصر علم النفسي بالمعنى الفني والاختصاصي العام.